onsdag 7. desember 2016

مشروع كتاب. مُسَوَّدة 2

(أنت و أنا نقعد على كرسيين بالاتجاه نفسه و ننظر إلى نقطة مبهمة أمامنا. الغرفة فارغة تماماً من أي أثاث. عتمة)

من أين أبدأ؟
تبدئين ماذا؟
سرد الحكاية
الحكاية؟
نعم، الحكاية
(صمت قصير)

أنا: حكاية اليهود بين الليلة الكريستالية و صواريخ حماس
(ضحكة استهجان ثاقبة)

اليهود!!! لا حول و لا قوة إلا بالله! نرسلكم لجامعات الغرب لتحصلوا على علم ينفع الأمة، فتعودون لنا مغسولي الأدمغة بصابون صهيوني

ماذا كنت تتوقع؟ أن نعود بإجازات جامعية تحت الإبط لنقعد على كرسي الحكواتي في مقهى النافورة و نعيد سرد حكاية بني هلال؟

لا، لا أعني هذا بالطبع! و لكن ألم تسمعي عن الإعلام الصهيوني؟ أخطبوط بأذرع عابرة للقارات، ينفثُ حكايات ملفّقة دون توقف في كل أرجاء المعمورة، و تتحول إلى مقالات و أفلام وثائقية و سينمائية بكل لغات العالم.

أية حكايات ملفقة تقصد بكلامك؟
حكايات المظلومية اليهودية، الإبادة المزعومة خلال الحرب العالمية الثانية. هذه الحكايات قد حازت على أضعاف ما تستحقه من الاهتمام
(تتنهد بعمق. أدير وجهي نحوك)

ليتكَ تساعدْني بالعثور على كتاب عن هذا الموضوع المعجون و المطحون و منتهي الصلاحية باللغة العربية، فلقد بحثت و لم أجد
كتاباً واحداً بلغتنا

العربية أم الإيطالية، أم المريخية، لا يهم! نحن نعلم كل شيء. نعلم! النازيون الألمان قتلوا ستة ملايين يهودي. نعلم هذا جيداً. عن ماذا ستكتبين؟! ماذا ستضيفين؟

ستة ملايين يهودي

بالضبط. ستة ملايين يهودي

احكِ لي حكاية واحد من هؤلاء الملايين الستة
(صمت قصير، ثم...)

لماذا؟ التفاصيل غير مهمة. قصص القتل، قصص الموت، مكانها القبور، لماذا تريدين إيقاظ أشباح الظلام؟ و على أي حال لن تغير هذه القصص من الحقيقة، أنهم قتلة، أنهم معتدون، أنهم مغتصبون! ويحكِ! أتريدين تبرئتهم؟!
(تدير وجهك نحوي، تنظر إليّ باستهجان، أهزّ رأسي بالنفي)

أنا لست محامية أو قاضية. أنا حكواتي

ألم يكفهم نواح نصف قرن و ما يزيد؟ أتنوين مؤازرتهم في اللطم أمام حائط المبكى؟!

التعلق بذيولهم؟! هل تظنين أن موسى سينزل من السماء و يقبل جبينك امتناناً على انسلاخك عن أمة محمد

انسلاخ!!

انفصام. متلازمة استوكهولم. انتقام. لا أدري. و لكنني متأكد من أنكِ لو كنتِ ما زلتِ تحملين رائحة تراب الشرق تحت جلدك، لحكيتي حكايتنا نحن!

(تنهض من على الكرسي و تقف منتصباً أمامي)
حكايتنا التي صمّ العالم أذنيه عنها، حكاية الأرض التي اغتصبوها، المقدسات التي دنسوها بأبواطهم العسكرية، حكاية اللاجئين و الخيام و المجازر و البرتقال الدامي و سيل الدموع و قافلة الشهداء، حرب لبنان و قصف غزة، الحصار و السور. هذه هي الحكاية!
(ألاحظ ارتعاشة خفيفة على شفتيك. تدير وجهك باتجاه الحائط)
(صمت، ثم...)

أنت: لقد أُرْضِعتُ حب القدس... قبل أن تبكي التي أرضعتني و هي تحكي... كيف مشتْ مُجَنْزَرَةٌ على طفلٍ، و كيف مسيرُها مَهْلُ... و كيف تداخلتْ شَرَفاتها بعموده الفقري في حقدٍ، و صار اللحم في الشَرَفاتِ ينتقل... و كيف تَسَطَّحَتْ في الطين صرختُهُ، بما داسَ الحديد و غارَتِ المُقَلُ... و جاءت أمه تمشي بكفيها على ما تترك الشرفاتُ من لحمٍ تنثر حوله القُبَلُ... تعثّرَ صوتُ أمي و اعتلى كلماتِها الشللُ، و قالتْ لي قضيتنا...
(صمت متوتر. تبلع ريقك، أو ربما تبلع دمعة)

أنا: مُظَّفر النوّاب، شاعر الرصاص و الدم

عجبي! حسبتكِ قد نسيتي شعر القضية التي بيعت بالمزاد العلني

 لا، لم أنسَه
(تنظر إليّ بتحدٍّ)
القدس عروس عروبتكم، فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها؟ أولادَ القحبة! لست حزيناً حين أصارحكم بحقيقتكم، إنّ حظيرة خنزيرٍ أطهرُ من أطهركم

(أرمقك بنظرة احتجاج)

الظاهر أن الموت في نظرك أنواع. أمواتنا تصرخ بينما أمواتهم لا يُسمح لها أن تَنْبُس ببنت شفة، تحكي حكاية موتها

ويحكِ بماذا تثرثرين! المسألة ليست أمواتهم مقابل أمواتنا! القضية قاتلٌ و قتيل! مجرم و شهيد!
تخطو خطوتين إلى الوراء مبتعداً عني. تنظر إلى نقطة في الحائط)

الشهداء لا يتشابهون. لكلِّ واحدٍ منهم قَوامٌ خاص، و ملامح خاصة، و عينان، و اسم، و عمر مختلف. لكنَّ القتلة هم الذين يتشابهون. فهُمْ واحدٌ موزَّع على أجهزة معدنية. يضغط على أزرار الكترونية. يقتل و يختفي. يرانا و لا نراه، لا لأنه شبح، بل لأنه قناع فولاذي لفكرة. لا ملامح له و لا عينان و لا عمر و لا اسم. هو... هو الذي اختار أن يكون له اسم وحيد: العدّو! نعم، محمود درويش فهمها لأنه كان واحداً منا. الموضوع لا يحتمل التنظير من بعيد. عليكِ أن تجدي نفسكِ فجأة أمام فوهة الرشاش، تشعري بضربات قلبك في حلقك لتفهمي الحكاية.
(أنهض من على الكرسي بهدوء، حذر)

دعني أشرح. أنت تتحدث عن أمواتنا و أحيائهم. أنا أتحدث عن أمواتنا و أمواتهم، و هي حكاية مختلفة تماماً عن الحصار داخل جحيم نيرون الإسرائيلي التي رسمها شعراؤنا و أدباؤنا و سياسيونا في المخيلة العربية
لهب الغضب مشتعل في عينيك)

نحن نحترق ببطء. الناس ملتهون بمشاهدة فيلم أمريكي طويل. و حضرتك تريديننا أن نحترق بصمت بينما نحن نستمع لحكاية محرقة اليهود!!

(تصرخ)
مالي أنا و محرقة اليهود؟؟!! هل أشعلتُها أنا؟ هل نفخت في نارها؟ بل هل وقفتُ متفرجاً بينما كانوا يُساقون إليها؟!! اشرحي لي بحياة و عرض عشيرتك كلها، ما دخلي أنا؟؟ لماذا ينتقمون مني أنا؟؟!
(أنا"، الكلمة الأخيرة، تقذفها في وجهي شعلة حارقة. صمت طويل مشحون بتوتر")
(تستعيد بعض الهدوء)

سنعود نحن و يخرجون هم. حقنا لأرضنا مقدس. أما أنتِ فلا تحشري أنفك بما ليس من شأنك. أنتِ لستِ فلسطينية الميلاد

دعني أصارحك بشيء. أتمنى لو كان كلامك ممكن التطبيق. أتمنى لو كان بإمكاني أن أتركك و شأنك، و لكنك تؤرق نومي. تنغّص علي في نهاري. ليس عندي خيار

لا تلعبي دور البطل المُكْرَه، اتركي الموضوع و ارحمينا يرحمْكِ الله. أنتِ لم تضعي قدماً في أرض المقدس. أما أنا، أنا صاحب الأرض دون سواي، و أنا، أنا فقط من يحدد ما هي الحكاية.
(أتنهد بعمق)

فات الأوان على هذا الكلام، فات الأوان. البقعة الجغرافية بحجم الكفّ التي لم يكن لها اسم و لا حدود،
قد تحولت بعد عقود من تضخم المفردات السياسية و الدينية إلى عضلة  القلب لعالم كامل، عالمنا العربي.
.فلسطينكم تحتل فكرنا، تضرب عليه الحصار، تضيِّق عليه المنافذ، تمتص منا الطاقة، تشنق كل الساعات بين أقصى المغرب إلى حدود العراق و الشام، توقف الزمن و تَذَرُنا محتجَزين في غضب الآباء و الأجداد، نكرر الحكاية نفسها على بعضنا و على أطفالنا و تشلنا لعنة التكرار.

(أمشي خطوة جديدة نحوك. أضع يدي على كتفك)

أترى؟ هذا يعنيني أيضاً
(( تمسك بيدي و تزيحها عن كتفك
دعني أحاول سرد حكاية أخرى، لا ، بل الحكاية، نعم الحكاية نفسها. و لكن هناك فصول مفقودة، مخبّأة، ضائعة. لا أدري.
من أين أبدأ؟


حقوق النشر و الطبع محفوظة للمؤلفة

إن نشر أي جزء من هذا المُؤَلَّف دون الاتفاق مع المؤلِّفة سيُلاحَق قانونياً كسرقة أدبية.

اقتباس فقرات من المقالات مسموح بشرط تحديد المصدر، اسم المؤلفة و الرابط لموقعها الالكتروني.  


fredag 18. november 2016

ترامب أكبر!!

مهرج أمريكي غير مضحك  يحوز على منصب الرئاسة في أقوى دولة بالعالم.
الإسلاميون يصيحون: الله أكبر!
الملحدون يهتفون: ترامب أكبر!
عذراً!!


في خضم الصيحات الاحتفالية و التهليلات الإلحادية التي تُسمع في ساحات التواصل الاجتماعي اليوم، نسي رفاق الكفاح من يساريين و ليبراليين و لادينيين و علمانيين، أو تناسوا، أن توجيه ضربة للإسلامية ليست تعني بالضرورة هدفاً في مرماها، بل قد تكون هدفاً في مرمانا نحن، نحن من نناضل ضد التوغل الإسلامي في مجتمعات الشرق الأوسط و المغترب.

أنا لاعبة ضمن فريقكم، لا تشكوا بهذا، ناقدة للإسلام بالكلمة و بالفعل على مدى سنين طويلة، فلا تفسروا نقدي كتعاطف مع الإسلاميين و لا تشرحوا لي أبعاد المأساة و فظاعة الجرائم و عمق التخلف و فداحة الخطر الذي ينتج عن كل عطسة من طرف إسلامي، فأنا أنام و أستفيق مع فيديوهات تُظهر بشاعة هذه الفاشية الجديدة، و أضحك و أبكي عند سماعي لمقولات و فتاوى و “حكم” من الرجال المعممين، لا بارك أحد فيهم. لا تختلف نظرتنا في هذه النقطة. و لكنني على غراركم لا أصفق لسياسة الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، بخصوص التحدي الأصولي و الإسلامية المتطرفة (و لا بخصوص أية قضية أخرى على جدول
(أعماله بالمناسبة، و لكن هذا خارج عن موضوعنا)

سياسة الحائط، سواء أكان من اسمنت و حاجز حقيقي أو يتمثل في سياسة إغلاق الحدود لبشر لا يجمع بينهم إلا قاسم واحد مشترك و هو صدفة تسجيلهم تحت خانة “مسلم” في مدينة ما، في دولة ما في هذا الكوكب، هي سياسة محكوم عليها بالفشل الذريع. من المؤكد أنها لن تمثل جزءاً من الحل ضد هيمنة الدين الأصولي على المجتمعات في العالم العربي و لا على تصدير الفكر و الخلايا الإرهابية للغرب و أمريكا. بل إن أسلوب هذا الرئيس الجديد تصب زيتاً على نار التطرف و الإرهاب الإسلامي. لماذا؟ سأقول لك لماذا. من المعروف أن أهم مقوّمة من مقومات الفكر الإسلامي السياسي (أو أي فكر شمولي) هي ” العدو”.

“العدو هو من يمنح الإيديولوجية القائمة على التضادّ و التنافر، لا الانسجام و التصالح، الصلاحية، والعنف التبرير، و ترامب يقدم أكبرهدية للإسلاميين. إنه العدو المثالي!

أتباع سيد قطب و ابن تيمية الذين كانوا يتعرّقون وهم يحاولون لوي عنق الحقائق و إظهار أمريكا كعدو للمسلمين، خاطبين من مسجد مُرَخّص في منطقة سكنية بواشنطن، ماشين بتظاهرات في الشوارع احتجاجاً على “اضطهاد” المجتمع و الدولة لهم، بينما عناصر الشرطة تؤمن لهم حرية التجمع و التظاهر و التعبير، سيرتاحون أخيراً من عناء الظهور بمظهر المعاتيه و المنافقين. ترامب حوّل تحريفهم للواقع إلى حقيقية، و هذه الحقيقة هي الآن بمثابة كابوس يجثم على صدر كل من يفكر أبعد من أنفه.

ترامب منح الإسلاميين ما يحتاجونه، منحهم عدواً متعجرفاً عنصرياً يستعمل لغة العنف و يكره الإسلام. هذا الطفل المدلل الفاسد، الرأسمالي الجشع، صديق إسرائيل بدون أي تحفظات،  يناسب الصورة التي حتى حد قريب كان من الممكن وصفها بالشيزوفرنية و الهلوسية. أخشى أن هذا سيجعل ضم شباب و بنات جدد لحركات التطرف الإسلامي أكثر سهولة.

هل يغضبكم تحليلي يا علمانيّ و ملحدي الدول الإسلامية و غير الإسلامية؟ أتريدون أن تكتفوا بالشماتة بالمسلمين الذين منعوا عنكم الهواء و الحرية و الحب و الحياة الطبيعية المسالمة لعقود و قرون؟ ترحبون بأي رئيس يكره من تنفرون منهم؟ ينتقم لكم منهم بأية وسيلة؟ ليس من الصعب علي تفهم هذا النوع من الخواطر الآنية، و لكنني أنتقد سيطرة مشاعر من هذا النوع  على العقلانية و التفكير بعيد المدى.

الحل للمشكلة الإسلامية العويصة، تَصَلُّب و تشنّج الدين الإسلامي من جهة و التطرف السياسي و الإرهاب من جهة أخرى، هو تجفيف منابع الوهابية، المنابر، و في الوقت نفسه مساندة الحركة العلمانية و الحركات الليبرالية و الديمقراطية في الشرق الأوسط و مدها بالتمويل و الكوادر المثقفة و العاملة لتستولي تدريجياً على الساحة الاجتماعية و السياسية التي اغتصبها الإسلاميون في ظل الديكتاتوريات و غياب حرية التنظيم و التعبير.

أما أن يهدد رئيس أقوى دولة بالعالم بإغلاق الباب بوجه كل مواطن و مواطنة من الدول الإسلامية، فهذا لا يمكن اعتباره إلا ضرباً من ضروب التطرف المقابل و ليس حلاً لا من بعيد و لا من قريب.

ترامب يضعني أنا الملحدة و الديمقراطية الليبرالية في قفص الاتهام مع الإخونجي و الداعشي و إرهابي حزب الله و شيخ العشيرة قاطع الأيدي. كيف تتخيلون تطور الأوضاع في قفص الشرق الأوسط إذا ما نفذ الرئيس الأمريكي الجديد تهديده؟
دونالد ترامب خطير، لا ليس لأنه حازم، بل لأنه أحمق لأبعد الحدود!

تم نشر هذه المقالة في "صوت العلمانية" و الرابط هنا

سارة العظمة

torsdag 13. oktober 2016

حفل جائزة نوبل للسلام فاشل و عقيم

الحفل التكريمي للحائز على جائزة السلام، و الذي يتم بثه من النرويج، سيء و بعيد للغاية عن تمثيل الفكرة و البعد الإنساني لهذه الجائزة المهمة.


جائزة نوبل للسلام مؤهلة لتكون المناسبة كل عام للتقريب بين الثقافات و البشر على هذا الكوكب. و لكن بدلاً عن دعوة مطربين و فنانين و راقصين مبدعين من كل ألوان الفن الشعبي و المعاصر، يمثلون ثقافات مختلف الشعوب، و شعراء يلقون القصائد بلغاتهم الأصلية مع ترجمة لوحية للإنكليزية، تدعو هيئة نوبل النرويجية فنانين أمريكيين، أو أوروبيين يعملون بهوليوود، للغناء بالإنكليزية و رقص الرقصات الغربية المعاصرة، بمعنى النطنطة الهمجية. هذه الفئة تمثل نسبة أكثر من 70%، و هؤلاء طبعاً من المشاهير ساكني القصور الذين يتقاضون أجوراً خيالية لمساهمتهم بالحفل الذي يتابعه نصف سكان الكرة الأرضية.


مقدم و مقدمة الحفل ممثلون من هوليوود على الأغلب، بل دائماً. بربك يا أخي الإنسان اشرح لي ما الذي يؤهل ممثلة أفلام أكشن من أمريكا، سلمى هايك، و زميلتها جوليانا مور، على تقديم برنامج الحفل للحائز على جائزة السلام الخبير العربي المصري محمد البرادعي، بسبب عمله في منظمة مراقبة الطاقة النووية مثلاً؟ ما هو سبب تواجدهما أصلاً بهذه المناسبة؟؟ لماذا لم تدعو الهيئة فناناً مصرياً لتقديم الحفل باللغة العربية؟ التقنيات أصبحت على مستوى، و ترجمة ما يقال على لوح كبير الكتروني في الخلفية ليس صعباً، بل يمكن أيضاً استعمال غرافيك جميل لتصبح الترجمة لوحة جمالية.

و يدي بحزامك لن أتركك تمشي حتى تشرح لي يا أخي لماذا ممثلة المسلسل المشهور الأمريكي "الجنس في المدينة" و الذي يدور حول أربع صديقات يمارسن الجنس مع 200 رجل وسطياً بالسنة و يتحدثن عن الأمور المتعلقة بهذه الفعاليات و النشاطات لأبعد التفاصيل المحرجة، لماذا جيسيكا باركر تم اختيارها لتخطب بسكان الكوكب عن ضرورة المحبة و السلام؟!!!


أو ليس فهمنا لبعض، رؤيتنا لبعض و سماعنا للغات بعض وسيلة لزرع الثقافة الإنسانية! السلام لا يتحقق برؤيتنا للأمريكيين كل سنة و سماع لغتهم كل يوم.


أليس من الأنسب و الأرقى أخلاقياً اختيار رئيسة منظمة حقوقية مثلاً و ممثل ناشئ موهوب في بلد الفائز أو إعلامي محترم لتقديم العرض، و بذلك إلقاء الضوء على جوانب أخرى إنسانية و منح فرصة ذهبية لأشخاص تستحق الدعم من هيئة من المفروض أنها تعمل لنشر ثقافة التعايش و السلام؟

أعجز شخصياً عن متابعة هذا الحفل. بما أنني كنت مقيمة بالنرويج لمدة 13 سنة كان من المستحيل تجنب البعض من صرعة الرأس و الكتابات و التقارير الإذاعية عن قدوم الإله الأمريكي فلان و الإلهة علتان و تقييم الفستان الذي لبسته و الحذاء و المكياج و صفة الشعر إلخ. كنت أشغّل التلفاز لأحصل على انطباع عام من الحفل من سنة لسنة، و للأسف لم أتحمل أن أتابع الحفل لآخره مرة واحدة. كنت كل مرة أفكر كيف كان ينبغي أن يكون و أصاب بالإحباط.


احترام ثقافات الشعوب لا يكون بإلقاء خطابات طويلة مليئة بالكلمات البراقة من قبل لجنة نوبل النرويجية، بل فليعيرونا صمتهم و لو لمرة واحدة فقط و يقعدوا على جنب و يظهروا احترامهم لثقافات الشعوب بشكل حقيقي و عملي عن طريق فتح المجال للناس للحديث بلغاتهم عن أوطانهم و ثقافاتهم و أنفسهم.

و لكن النرويجيين لا يفهمون كيف هو الاحترام الحقيقي، و يحبون أن يظهروا بمظهر الإنساني رحب الصدر و هم بالحقيقة لا يرون أبعد من رؤوس مناخيرهم الغربية.

في السنوات الأربع الأخيرة توقفت تماماً عن متابعة و لو جزء بسيط من الحفل النرويجي، و لا مشهد واحد و لا لقطة واحدة، لا أتحمل هذه المسخرة و تشويه النرويجيين لجائزة السلام. أشاهد فقط الحفل السويدي لأستمع لخطب الفائزين بالجوائز. و عروض الفن المقدمة هي بالعادة من النوع الكلاسيكي الراقي على مستوى دولي و ليس هناك نطنطة و رغي فاضي.
و أخيراً، أرفض جائزة السلام مسبقاً و أرفض الاشتراك بهذه المسخرة و لو كلفني الأمر خسارة مليون دولار. إي نعم

لهالدرجة

سارة العظمة

tirsdag 13. september 2016

مشروع كتاب. مُسَوَّدة 1


العداء الإسلامي لليهود و أساطيره و تداعياته على الساحة السياسية و الفكرية






مقدمة المؤلفة

أخطُّ كلمات الكتاب الأولى من شقتي باستوكهولم. لم أتوقع أن تكون البداية بهذه الطريقة. تصورت أنني بعد تخطيط و تمهيد طويل للعمل على هذا المشروع الفكري سأحصل على إطار مثالي لنقطة الانطلاق. تخيلت نفسي أكتب المقدمة في مكتبة الجامعة، و الكتبُ و المراجعُ مصفوفةٌ على يميني و شمالي، و أمامي حاسوبٌ جديدٌ مُزَوَّدٌ بأحدث برنامج أوفيس، و في داخلي الطمأنينة التي يبثها اليقين بإمكانية العمل اليومي على مشروعي إلى أجل محدَّد. لم أتخيل أنني سأباشر في عملٍ فكريٍّ مهمٍّ لموضوعٍ شائكٍ و بغاية التعقيد على حاسوبي الذي يَتُوق للإحالة على التقاعد، مستعينةً ببرنامج لا يفهم أن اللغة العربية تُكتب من اليمين إلى الشمال، و أنا قاعدةٌ بوضعية غير مريحة في غرفة المعيشة المفتوحة على المطبخ، و قدرٌ مليءٌ بالبطاطا يغلي على الطَبَّاخ، و طفلان يحاولان جذب انتباهي لحركات رقص جديدة يتمرنان عليها. دعوني أصف هذا ببداية مَرِنَة بعد تردد و انتظار طويلان. 

حملت فكرة هذا الكتاب عبر عقد من الزمن، و تَبَلْوَرَتْ ببطء من خلال خبراتي الحياتية و قراءاتي و ملاحظاتي لما يجري في الشرق الأوسط و العالم. ما بدأ كفضول أكاديمي عند طالبة في قسم دراسات الشرق الأوسط و شمال أفريقيا في جامعة أوسلو، تحوَّل مع السنين إلى رسالة أخلاقية أشعر اليوم بحتمية طرحها و ضرورته المُلِحَّة. كيف هي صورة "اليهودي" في الثقافة العربية و الإسلامية؟ أضع "اليهودي" بين قوسين تأكيداً على أن ما سأتناوله في هذا الكتاب هو التصور التجريدي لكيانه و طبيعته و أخلاقه و ممارساته الدينية و السياسية و الاقتصادية في إيديولوجيات الشرق الأوسط القومية و الفكر الإسلامي السياسي و الأدب العربي المعاصر.

ما نزال فكرياً و ثقافياً بعيدين للأسف عن رؤية اليهودي كإنسان فرد لا يُعقل أن تنطبق عليه و عليها مواصفاتٌ جمعية. لا نعلم عنه و عنها إلا أقل القليل بسبب المسافة التي خلقتها العداوة و الحروب المستمرة و النزاعات المسلحة و السياسية و المقاطعات الأكاديمية و الثقافية منذ تأسيس دولة إسرائيل في منتصف القرن الماضي. ما نزال كشعوب نحمل تراكماتٍ من الفكر الشعبي و السياسي مبنيةً على أساطيرَ و خرافاتٍ دينية و برمجاتٍ سياسية من قبل أنظمة ديكتاتورية جعلت من "اليهودي" كبش الفداء، و سبب كل بلاء، و الشمَّاعة التي تُعَلَّق عليها كل الأخطاء. نظرتنا لليهود أصبحت مُوَحَّدة لدرجة أننا لا نعثر بين عمالقة الأدب و رواد الفكر العربي، ممّنْ سار بعكس التيار و اخترق الخطوط الحمراء و لمس التابوهات الدينية و الاجتماعية و تحدى فلسفة الحاكم الأحادية، من وضع بعض إشارات الاستفهام حول "الإجماع" العربي على "طبيعة اليهود" و الخلفية التاريخية لإنشاء الدولة العبرية في بقعة من العالم العربي.

هذا الصوت المُوَحَّد يستفزني كمثقفة تؤمن بالتعددية كصورة لأي مجتمع نابض بالحياة. العقل العربي معتادٌ على اختزال مفهوم القوة في وحدة النظرة و الفهم و النهج. و لكنّ تجارب الإنسانية في العصر الحديث، سواء في الحقول العلمية و الاجتماعية و السياسية، لا تدع مجالاً للشك بأن مُحَّرك التقدم و الارتقاء هو فتح الساحة لوجهات النظر المتباينة و اقتراحات النهج المختلفة لتتنافس فيما بينها. هذا فقط كفيل بتوفير كمٍّ كبير من المعلومات و وجهات النظر و الرؤيات المستقبلية يضمن اختيار الحل الأنسب و الأفضل في كل شأن. هكذا تقّدمت الشعوب الغربية، بينما وضعت الرقابة من جهات سياسية و دينية، لا بل و حتى الرقابة الذاتية المغروسة في الواحد فينا بحكم التربية العشائرية التقليدية و العادة، العقبات لمسارنا نحو الحداثة.

لقد آن الأوان لسماع الصوت المعارض بالنسبة لليهود الذي يرفض تقليص شعب متنوع العروق، و أتباع ديانة إبراهيمية كبرى، إلى كائن قبيح يتسلل تحت جنح الظلام و يحيك المؤامرات الشريرة. غايتي من تحدي هذه التَمَثُّلات الدغمائية و الأفكار الموروثة المتحجرة هو إنصاف اليهود من جهة، و هذا هدف أخلاقي كافٍ بحد ذاته لخوض هذه المغامرة الفكرية، و من جهة أخرى أنا على يقين أننا كشعوب لن نقدر على التحرك باتجاه المستقبل و الحداثة و الشراكة الحقيقية في المشروع الإنساني قبل أن نزيح هذه العقبة الهائلة من الطريق. كتلةُ الكره و الحقد و العداء الممزوجةُ بخرافات دينية و أكاذيب سياسية و جهل تاريخي، تجثم صخرة ثقيلة على صدورنا. الخطاب الإسلامي الجهادي الذي يستمد طاقته من هذه الصورة المُشَوَّهة للواقع، و استيراد الحلول لأزمة الإنسان العربي من الماضي، من الغزوات و مجزرة بني قريظة و حلم التوسع الامبراطوري المريض، سيفقد الأوكسجين عندما يدرك عدد كبير منا أن اليهودي في الحقيقة ليس الكائن الشرير الذي سمعنا عنه في خطب الجمعة و محاضرات شيوخ الوهابية على اليوتوب، و قرأنا عنه في المناهج الدراسية المكتوبة من أنظمة سياسية تُقْحِم أجندتها الخاصة في السرد التاريخي.

بدون العدو يختنق الإسلام السياسي. بدون العدو تحتضر الأنظمة العربية العسكرية. كل فكر شمولي يمنع الحرية الفكرية بحاجة ماسة لعدو لتبرير هذا المنع و التأهب و حالة الطوارئ و كل إجراء تعسفي و كل عمل عنف ضد المواطن و الآخر. "اليهودي" هو العدو الأوحد، الأكبر، الأخطر، و لذلك فأنا على ثقة تامة بأن أي سعي حقيقي نحو التحوّل الديمقراطي في منطقتنا لا بد أن يتعامل مع هذه المسألة. أَنْسَنَة "اليهودي" هي في الوقت نفسه تمهيد لبناء مجتمعات مدنية مفتوحة حضارية في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا.      

أعتزم من خلال هذا الكتاب إلقاء الضوء على ما يعرف في الثقافة الغربية بالعداء للسامية، و لكنني لن أستعمل هذا المصطلح الأوروبي المنشأ لعدم صلاحه للإشكالية ضمن الثقافة العربية و الإسلامية. نحن نشترك مع اليهود بالأصول السامية، و بالإضافة لهذا و على الرغم من وجود نقاط التقاء كثيرة بين صورة "اليهودي" في الحضارة الأوروبية المسيحية و الحضارة العربية الإسلامية ، فإن هناك أيضاً اختلافات فكرية لا يستهان بها سأتناولها في الفصول الأولى.

 ترددت كثيراً بالخوض في عمق هذه المُسَلَّمات عن اليهود، و كان السبب قلقي من ردود الفعل في زمن وصل فيه العمى الأيديولوجي و الحقد مرحلة أصبح فيها قتل أي مدني يهودي في أية دولة بالعالم، و بغض النظر عن آرائه و آرائها بخصوص دولة إسرائيل و خيارات حكومتها من وقت لآخر، تَقَرُّبَاً من الله و إعلانَ ولاءٍ للوطن. لا يسلم حتى الأطفال اليهود من هذا التطرف المجنون، و تصيبهم رصاص قناصين في مدارسهم في دول بعيدة عن الشرق الأوسط و تناحراته السياسية. فماذا سيكون يا تُرى حكم هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم ممثلي الله على الأرض على كاتبة عربية من عائلة مسلمة سنية تضرب جذوراً عميقة في تاريخ دمشق، عاصمة أمية، تُوَبِّخ بنصوصها قومها على انقيادهم لخطاب شيزوفريني فاشي النزعة، إسلامي المصطلحات، ينادي بتكرار جرائم الماضي ضد اليهود؟ أدرك تماماً و أنا أباشر بهذا العمل حجم المجازفة، و لتكنْ سطوري الأولى هذه إعلاناً واضحاً عن خياري الأخلاقي. عندما يصبح صوت العنف هو الأكثر دوياً، يتحول الصمت إلى جريمة أخلاقية.

بعد اختراق حاجز الخوف قابلني حاجز آخر على الطريق اتضح مع الشهور و السنين أنه عائق أكبر من الخوف على النفس و الذُّرّية. المُوَقِّعة أدناه ستقدم لكم الآن اعترافات خطيرة تختصر الطريق و ترد على التهمة الجاهزة سلفاً: عمالة مدفوعة من قبل جهات صهيونية. بسبب تعليقات موضوعية بريئة لي على مواقع التواصل الاجتماعي تلقيت هذه التهمة أكثر من مرة. لذلك سأحكي بكل صدق و شفافية عن المبادرات المتعبة للحصول على دعم مالي.   

كل مشروع كتاب يحتاج إلى تمويل بطريقة أو بأخرى. لا يعني هذا أن الكاتب بالضرورة يرفض الكتابة دون  أجر، و لكن الكاتب إنسان يحتاج كغيره لتوفير نفقات السكن و المأكل و اللباس إلخ في الشهور التي ينْطَّب فيها على القراءة و البحث و الكتابة. قد يحتاج أيضاً للسفر لعدة دول لإجراء أبحاث ميدانية أو زيارة مراكز أبحاث تحوي في أرشيفها على مصادر نادرة. الصحافي الموظف في شركة إعلامية قد يُخصِّص جزءاً من وقته المدفوع للعمل على كتاب. الكاتب الذي حقق كتاب له نجاحاً في نسبة المبيعات يمكنه تمويل كتابه التالي من إيرادات الكتاب السابق. الباحث في حقل من العلوم قد يحصل على راتب شهري من الكلية التي يتبع لها أثناء عمله على كتاب يضيف جديداً إلى مكتبة الجامعة. هناك أيضاً مُنَحٌ ثقافية تقدمها عدة جهات تابعة لحكومات الدول أو لمنظمات خاصة لمن يريد الكتابة عن مواضيع تدخل ضمن برنامج الجهات المانحة و تخدم أهدافها المجتمعية و الثقافية.

ما حصل معي هو أنني، و حسب مثل شعبي سويدي، عندما حاولت الجلوس وقعت بين كرسيّين على الأرض. فرص التمويل موجودة، و لكن لا يناسب أيٌّ منها مشروع الكتاب الذي اخترته، أو بالأحرى اختارني. ينتابني شعور غريب أنني عبر أكثر من عقدين من الزمن كنت أسير نحو هذه المحطة على الطريق، هذه الرسالة الثقافية و الأخلاقية. ليس هناك قوة يمكنها أن تقنعني بترك هذا الموضوع و اختيار غيره للحصول على تمويل، و لا بالكتابة بلغة اسكندنافية بدلاً عن العربية و التوجه بخطابي للقارئ الأوروبي بدلاً عن الشرق أوسطي. و لكن الواقع هو كالتالي: ليس هناك في اسكندنافيا مَنْ هو مهتم بتمويل كتاب باللغة العربية في الوقت الذي يتنافس، بل يتصارع فيه الكتاب الاسكندنافيين على المنح الثقافية القليلة. و ليس هناك جهة في العالم العربي مستعدة بدعم مشروع كتاب يفضح الأساطير المُلَفَّقة عن اليهود، و بشكل عام لا يوجد اهتمام لأي مشروع ثقافي مهما كان من أصحاب الثروات الخاصة.

على الرغم من علمي المسبق بكل هذا فقد حاولت و فشلت. مرة و مرتين و عشرة. لم يبقَ في الساحة أمامي إلا من له مصلحة في ظهور كتاب بهذا المحتوى، اليهود.

عندما تسللت الفكرة إلى رأسي بعد سلسلة من الحسابات المنطقية السهلة انتابني الفزع، نعم، وقف شعر رأسي بدون مبالغة. أحسست مباشرة بزحف سيناريوهات الغرف المظلمة و اختراقها لمخيلتي، و رأيت نفسي فجأة شريكة في المؤامرة الصهيونية الكبرى (التي أريد أن أثبت عدم وجودها)، دمية بيد الإعلام اليهودي العالمي الذي يسيطر على العقول و الرأسمال اليهودي الذي يشتري المثقفين. يا للهول!! رفضت الفكرة تماماً و تشنجت شعورياً و حتى عضلياً. لا أقبل أي تمويل من طرف يهودي. نقطة انتهى!

مرت الشهور و السنين و دفعتني اتصالاتي بخصوص المشروع للقاء كثير من اليهود. وصلت إلى درجة من اللين و التكيف أنني طلبت دعماً مالياً للمشروع. مع هذه اللقاءات تلاشى يهودي الظلام الذي يعيش في عالم الأسرار و الخطط و المكيدات لتظهر وجوه يهودية مختلفة في نور النهار يعيش كلٌّ منها حياته بشكل طبيعي. أحد هذه الوجوه كان لمديرة منظمة سويدية يهودية. اجتمعت فيها في مقر منظمتها، في مكتب مفروش بأثاث متواضع بشقة أرضية في حي باستوكهولم هي عبارة عن ثلاث غرف. شربنا الشاي من فنجانين غير متماثلين جزمتُ أنها قد اشترتهما من محل لبيع الأغراض المستعملة. كسرتُ حاجزاً نفسياً أكبر عندما التقيت بعاملة في القسم الثقافي بالسفارة الإسرائيلية باستوكهولم، في مبنى السفارة و بناءً على طلبي الشخصي. فتحتْ سفارة العدو بابها لكاتبة عربية بدون أي إشكال. قابلتُ إنسانة متميزة بلطفها و رغبتها بالمساعدة، من أصل عربي مصري. على الرغم من محاولاتها لمساعدتي، لم تعثر حتى الآن على منحة مناسبة لمشروعي. أخبركم كل هذه التفاصيل التي ليس من المفروض أن تحتويها مقدمة كتاب لأننا ما زلنا بعد في مرحلة منخفضة من الوعي. لا داعي لحبك القصص العجيبة عن علاقات مشبوهة و سرية بين كاتبة هذا الكتاب و اليهود في محاولة لسلب المصداقية منها. الاتصالات لا هي مشبوهة و لا سرية، و أقولها بمزيج من السخرية و الشفقة على نفسي: للأسف الشديد لم يدفع لي اليهود لأكتب هذا الكتاب.

على مدى ثلاث سنين على الأقل كان شرح مشروع كتابي موجوداً على الإنترنت و معروفاً لجهات يهودية بداخل السويد و خارجه. لم يَسْعَ شخص بمعطف و قبعة سوداء تحت جنح الظلام إليّ حاملاً حقيبة مليئة بالدولارات و الذهب، موسوساً في أذنيَّ أن أُضَلِّل العرب و المسلمين و أخدم المصالح الصهيونية. لم يُحَوِّل مجهولٌ مبلغاً من المال من حساب بسويسرا إلى حسابي الخاص، الفارغ على الأغلب. لم تتصل بي الوكالة اليهودية و لا الموساد. لم تأتني دعوة من اللوبي اليهودي في أمريكا لزيارة واشنطن، و لم تُعْرَض عليّ صفحة واحدة للكتابة عن هذا الموضوع في جريدة أمريكية.

 الواقع بعيد جداً عن القصص التي يحيكها خيالنا عن اليهود. أفهم اليوم و بشكل أفضل حجم التحدي المطروح أمام الإنسان العربي. كنت أنا نفسي، و بعد سنين من قراءة كتب موضوعية عن التاريخ المتعلق باليهود و هجرتهم لفلسطين، و بعد ارتباطي لمدة سنتين كطالبة ماجيستير بمركز الأبحاث عن الهولوكوست بأوسلو و دوامي اليومي فيه، و على الرغم من عيشي في بيئة أوروبية غير معادية لليهود، و بعد اقتناعي فكرياً و منطقياً بسخافة كل التفكير المرتبط بالمؤامرة المزعومة، كنت ما زلت أحمل "المؤامرة" في مكان ما تحت جلدي، بين ثنيات العمود الفقري. لم أشفَ من تَوَجُّسي غير الإرادي و لم أنعتق تماماً من سطوة الأسطورة إلا بعد مشوار طويل طويل. أدركُ اليوم كمْ هو مهمٌ إنجازُ مشروع هذا الكتاب، و من خلال المعلومات التاريخية الموثَّقة و الحجج المنطقية، حفرُ ثقبٍ في السور بيننا نحن العرب و بين جيراننا اليهود. مشروع التغيير الفكري صعب و شاق و طويل الأمد، و لكنه من المسائل المحورية و القضايا المصيرية.

أبدأ اليوم بخط السطور الأولى تحت ظروف لم أكن أريدها كإطار للعمل بمشروع يتطلب أبحاثاً تاريخية و ميدانية و تفرغاً لمدة شهور. لكن الواقع يفرض علي المحاولة في حالة من عدم الاستقرار النفسي و ضيق الوقت المتاح للقراءة و الكتابة و التركيز.  

سأقوم بنشر مقالات متفرقة من حين لآخر أعتبرها مُسَوَّدة للكتاب تحتاج لتنقيح عند اكتمال العمل. النشر على موقعي الخاص و الفيس بوك سيمنحني من جهة حافزاً للعمل تحت ظروف غير مثالية، كما أه سيتيح لكم أيها القراء فرصة التأثير على مواضيع الكتاب من خلال نقدكم و تساؤلاتكم و تعليقاتكم. ربما حان الوقت لترك حجرة الكاتب المغلقة و صناعة النصوص الديناميكية عن طريق التفاعل بين الكاتب و القارئ في مشروع مشترك.



سارة العظمة

استوكهولم 13 أيلول 2016



حقوق النشر و الطبع محفوظة للمؤلفة
إن نشر أي جزء من هذا المُؤَلَّف دون الاتفاق مع المؤلِّفة سيُلاحَق قانونياً كسرقة أدبية.اقتباس فقرات من المقالات مسموح بشرط تحديد المصدر، اسم المؤلفة و الرابط لموقعها الالكتروني.  

onsdag 10. februar 2016

رسالة لملك السعودية و مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة

إيماناً مني بأن الخطوة الأهم نحو إصلاح مجتمعاتنا في العالم العربي، بفسيفسائه الإثني و الديني، هي ترسيخ أهمية النقاش العام المفتوح و قيمة حرية الرأي و التعبير، و... رفض سياسة فرض رأي السلطة و كتم الأفواه، فقد أرسلت رسالة صوتية مرئية و مخطية باليد لملك السعودية سلمان بن عبد العزيز.

وقع اختياري على حاكم السعودية لأنني أرى أن المملكة قد لعبت دوراً رئيسياً و سلبياً في المنطقة عن طريق نشر الفكر الأصولي في الشرق الأوسط و بين الأقليات المسلمة في الغرب، كما أن قوة السعودية المالية تضمن لها نفوذاً لا يستهان به في جامعة الدول العربية. النتيجة هي أنه ليس هناك من سلطة عربية تستحق رسالة النقد هذه أكثر من السعودية.
شريحة الفيديو و الرسالة في طريقها بالبريد العادي لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

أنا لست سياسية بمقعد و ميكرفون، و لا مغنية نجمة أو رجل أعمال ملياردير. أنا مواطنة عادية في هذا الكوكب تؤمن أن واجب كل إنسان هو الوقوف بوجه الظلم و العمل من أجل الأخوة الإنسانية و السلام. أوجّه خطابي لقادة قومي العرب لأنهم أولى بالنقد من غيرهم في وقتنا هذا.

و العقل الموفق



https://www.youtube.com/watch?v=1-7TD6DAbPY





سارة العظمة، ناشطة حقوقية

تحية لسجناء الضمير في العالم العربي







أبعث كلمات محبة و تعاطف و تشجيع لكل سجين ضمير في الدول العربية، في عالمنا المخنوق و المليء بالحكام الفاسدين و تجار الدين.
يا سجناء الضمير، قد لا أتفق مع كثير منكم في الآراء، و لكنني أرفض عقوبة السجن للتفكير و التعبير.
لو كنت مقيمة في بلد عربي لكنت بدون شك واحدة منكم اليوم.
...
أستعمل الحرية المتاحة لي في بلاد الغرب لأدافع عن حقكم الواضح بإبداء الرأي و رفض كل العقوبات الصادرة بحقكم.

سارة العظمة، ناشطة حقوقية

اكفروا بنظريات المؤامرة يا قوم!

نظرية المؤامرة هي من أعظم بلاوي العرب. عندما نكون جهلة، لا نقرأ كتب التاريخ الموضوعية و العلوم السياسية، و لا نقدر بالتالي على تحليل الأحداث و فهم ما يجري على الساحة السياسية نلجأ دائماً لنظرية مؤامرة. و بالنسبة للعرب فأمريكا و إسرائيل هما الطرفان اللذان يجلسان في غرفة التخطيط الشيطاني و يحركان قطع الشطرنج. كل متغَّير على الأرض لا يعجبنا هو نتيجة لعبتهما السياسية، السرية طبعاً، و التي نعلم بها رغم سريتها التامة و ننشرها على كل الجرائد و الصفحات.
قرأت الآن تحليلاً يختصر كل ما... يحدث في الشرق الأوسط من حروب و نزاعات بأطراف متعددة بخطة أمريكية تعود لعام 2006. و كأن الحكومات و المنظمات و الشعوب دمى متحركة و يمكن كتابة سيناريو و خلق الأوضاع و الوصول للنتائج دون تداخلات و تضارب مصالح و تعقيدات. هكذا كما يقوم المخرج السينمائي بصناعة فيلمه. تمثيلية على مدى سنوات و بحجم الشرق الأوسط.
يا إلهي!!
أنا لا أصدق أية نظرية شاملة بهذا الحجم مهما كانت و مهما بدت منطقية و مترابطة الحلقات. السبب بسيط. السياسة معقدة و عالم متغيرات تطرأ في كل حين، و من المستحيل لمخطَّط أن يُنفّذ على مدى سنوات عندما يكون متعلقاً بعدة أطراف دولية. لا يمكن التنبؤ بردود الفعل بعد إثارة تغيير، و لا تسيير الفئات البشرية و المنظمات و الحكومات بالطريقة التي يرسم لها المخطِّط و لو كان الله تعالى حتى، فما بالك بأمريكا؟ دولة ديمقراطية تتغير حكومتها كل فترة زمنية و مع ذلك تتغير المعطيات جزئياً. أمريكا محدودة القدرات هي أيضاً و لا تستطيع إعادة رسم الخريطة في الشرق الأوسط على مزاجها. و إسرائيل مشغولة بالدفاع عن وجودها كدولة و حكومتها أيضاً متغيرة و نظامها الديمقراطي أكثر تأرجحاً من النظام الأمريكي.
بالطبع لهاتين الدولتين القويتين مصالح سياسية و اقتصادية في المنطقة، و لا أحد ينكر أن لحكومة هاتين الدولتين يد في الأحداث، و لكن هناك فرق شاسع بين إدراك هذه الحقيقة و بين شرح كل ما يحدث في سوريا و اليمن و الجوار بناء على خطة مرسومة دقيقة التفاصيل و بغايات محددة سلفاً.

ارتقوا بوعيكم يا أهل الشرق الأوسط

سارة العظمة

خريف

 
 
 
 
 
 
أيتها الأنثى
عند جذعك تبدأ الحياة و في كيانك تتبدل الفصول
عند جذوركِ تنبت الحبوب و البقول
تتفجر ينابيع الماء في الحقول
...
 
فإياكِ أن تغطي غصونكِ بستار
من سواد و شوك و نار
أن تقبلي بمبدأ السُبات و الانتظار
و تجميد الزمن و بتر كل أسرار الحب
التي يحملها جذعك الرطب الحارّ

إياكِ أن تقبلي زحف الصحراء
غضب الصحراء
لغة الصحراء

إن فعلتِ فستهاجر كل الطيور
و تتغطى الأرض بالملح و الصبار
و تفترس عاصفة رملية النور
و يُحكم على أنشودة الحياة بالنفي
إلى خارج الأقطار

أيتها الأنثى
أنتِ حاملة الثمار
فانفضي عن قمتك العباءة و الملاءة
و انهضي عند الفجر مكلّلة بالندى
ليعود أبناء الحقل للعمل
و لتنبت الأزهار

سارة العظمة