onsdag 19. august 2015

سرب الجراد الداعشي


أعتذر عن نشر هذه الصورة. أنا عادة لا أنشر صوراً من هذا النوع، و لكن في بعض الحالات يرغم الإنسان على رؤية بشاعة الجريمة كي يفهم طبيعة المجرم



 


المعاجم و كتب المرادفات لا تحتوي على تسميات و أوصاف تلائم داعش. لذلك أشعر بعجز لغوي عند محاولة التعبير عن استنكاري الشديد و العميق للجريمة الجديدة التي اقترفتهاهذه المرتزقة الحقيرة بحق أحد أهم علماء الآثار في العالم العربي، مدير آثار تدمر الفقيد خالد محمد الأحمد.

جرائم هؤلاء الهمج بحق الإنسانية قد فاقت طاقة الإنسان الطبيعي على الاستيعاب. و لكن لهذه القضية أبعاد أخرى عميقة و هي اعتبار آثارنا التي ورثناها عن أجدادنا في الحضارات القديمة رجساً من الشيطان، وصفها بالأوثان و تعذيب و قتل المسؤول عن حفظها و ترميمها بتهمة الردة. نعم، لقد شاهدنا على الشاشات محاولة تحطيم الآثار الآشورية و اجتاحتنا الصدمة، سألنا أنفسنا وقتها: هل تم اختراع آلة الزمن و تم عبر أول تجربة جلب هؤلاء الرعاع من بدايات القرون الوسطى؟! نعم، قد اهتزت أعماقنا آنذاك غيرةً على آثار منطقتنا و كنوزنا الثقافية. و لكننا الآن نقرأ على اللائحة المثبتة على جثة المقتول حكم ردة مبني على علاقة عالم الآثار بالآثار، تماثيل مدينة زنوبيا.

يا لمأساة الشرق الأوسط! يا لفجيعتنا نحن شعوب المنطقة التي كانت مهد الحضارة و بؤرة الإنسانية و الثقافة! الجراد الداعشي سقط على بلادنا غيمةً سوداءِ من الجحيم. و قد خبرنا قريباً على أيدي هذا الجراد البلايا العشر بصيغة القرن الواحد و العشرين. و لكن أي فرعون يظن الطغاة الهمجيون أنهم يحاربون؟ أكثر الديكتاتوريين العرب سفالة يظهر أمامهم كتلميذ في أساليب العنف و القهر و التدمير و الإرهاب الفكري و النفسي. أحقر حاكم عربي حصل عن طريق هذه المرتزقة على شهادة حسن سلوك. يا للمأساة! يا للفجيعة!!

ماذا سأفعل في هذه الظروف أنا الكاتبة الحرة؟ الليل حالك و علائم الطرق مغطاة بالسواد. و لكنني لن أقعد على الأرض و أذرف دموع الخنساء على شعبي المطعون بألف سكين سامة. بل سأتكلم. سأكتب. لأن ما يخافه الأميون الذين لا يفقهون المعاني و لو فكوا لغز الحروف، و الذين لا يجيدون من لغات الأرض إلا زعيق "الله أكبر" المشؤوم، هو كلمات الفكر الحر الذي يرفض العبودية لهذا الله زعيم العصابة.

سأتكلم. و لكنني لا أخاطب داعش مباشرة بل بضمير الغائب، لأن كل عضو في التنظيم ذكراً كان أم أنثى، قد  فقد إنسانيته لدرجة تفقده حتى الحق في أن يكون مخاطباً. السبب الاساسي لوجود هذه الحثالة البشرية المريضة في أراضينا هو أننا أهملنا واجبنا الإنساني و الأخلاقي بإصلاح دين الإسلام و نزع فتيل العنف منه. تركنا شيوخ المساجد الجهلة، التي لم تقرأ إلا حفنة من كتب كتبت من ألف عام و أكثر، تخطبفي الحشود عن الجهاد و تدعو بإبادة الكفار، تنشر فكر التقسيم و العنصرية و العنف. لم نعترض على مناهج الدراسة في كليات الشريعة حتى فرخت حاضنات الإرهاب في السعودية و المراكز الإسلامية التي تدعمها مالياً و تمدها بالمناهج، جيلاً من الشباب، أقل ما يقال عنه أنه منحط عقائدياً و فكرياً و إنسانياً. هذا النموذج من شلة اللصوص قطاعي الطرق، مغتصبي الأطفال و النساء و الرجال، مستعبدي البشر، ناشري الدمار و النار و الجحيم و كأنهم رسل شيطان من أعماق الجحيم، داعش، لم يكن لينشأ دون الحاضنات المسَيَّجة بذهب البترول و الأسلحة المستوردة.

داعش ليست دولة و ليست تنظيماً، فإن إنشاء الدول و المنظمات يتطلب مقدرات ذهنية إبداعية هي بعيدة كل البعد عن أولئك الروبوتات المبرمجة دينياً، المشوّهة أخلاقياً، و التي تنتشر في الأرض بمحض الصدفة، على إثر الفوضى التي أحدثتها حرب و نزاعات العراق و الحرب الأهلية السورية. انتشار داعش كان انتشار الفيروس في جسد الدول المريضة، و لم يكن نتيجة تخطيط. الجراد لا يخطط. إنه يتحرك، يقضي على الأخضر و اليابس، يسلخ جلد الحضارة، و لا ينفع معه إلا الإبادة الشاملة للسرب.

لا أمنح الداعشيين ما هم بعيدون كل البعد عن استحقاقه، لا أصفهم بخصوم أيديولوجيين، بأصحاب فكر، لا أصفهم بأصحاب عقيدة أو سياسة، كل من فعل هذا أخطأ خطأ فادحاً بالتقدير. داعش ليست فكراً معارضاً بل هي انتحار الفكر، كره الآخر كائناً من كان، البطش الاعتباطي، التشوه النفسي و الجنون السادي، العنصرية و الاسترقاق، إنها أخواتي و إخوتي الكرام في الإنسانية حالة فريدة من نوعها، مرض سعار.

و لكن لا تخافوا و لا تحزنوا، فإن حكمة الطبيعة واضحة جلية للعيان. الجراد الأسود لم يستطع يوماً إلا أن يؤرق نوم الإنسانية بضع ليالٍ عسيرة. في النهاية تنتصر الإنسانية، ضوء النهار، حب الحياة، نزعة البقاء، التوق إلى الحرية و فيضان الإبداع.

كل زبالة العالم من أشباه البشرالذين تجمعوا في العراق و الشام ليعيثوا الفساد و يلعبوا لعبتهم الصبيانية المدمرة، سينتهون في المقابر الجماعية أو في سجون الاعتقال الأبدية. قريباً .

اطمئنويا إخوتي و أخواتي في الإنسانية فأنا رغم غضبي العادل أشعرباطمئنان كل من درس التاريخ و فهم منطقه. البلاوي العشر المجتمعة في هجوم سرب الجراد و احتقان أجساد الأمم في المنطقة لن يمحو شعوباً عن الأرض و لن يغتال حضارات عريقة، بل سيلقحنا هذا الهجوم الشرس ضد آفة الإسلامية، سيعلمنا أن نقلع أظافر و أنياب الإسلام و كل دين يطلب السجود التام للفكر، ستمنحنا هذه التجربة حافزاً لتقوية مكانة العلم في بلادنا و استبدال مدارس تحفيظ القرآن و المناهج الببغائية بمدارس تعلم أطفالنا الفكر التحليلي و تدربهم في الفكر النقدي و تطلقهم إلى عالم مفتوح ليس فيه أسوار و بوابات مقفلة ليصنعوا الغد تحت سماء زرقاء صافية.

لعالم الآثار السوري الراحل أقول: شكراً لما قدمته من أبحاث و كتب عن حضارات منطقتنا الجميلة. الأجداد الذين رفعوا أعمدة تدمر العالية دون آلات و تكنولوجيا و نحتوا أجمل التماثيل و اللوحات و نشروا نور العلم، خلّفوا نسلاً عنده المقدرة على الحياة و صنع الحضارة.

 ارقد بسلام!

 

tirsdag 2. juni 2015

كنت جاسوسة في المدينة المنوّرة 4



 
 
 
تجلس خلف عجلة القيادة امرأة منكوشة الشعر، غرّتها طويلة متناثرة تكاد تحجب عينيها. عندما تدير وجهها باتجاهي لا أستطيع أن أجزم إن كانت ترمقني بالنظر، أنا القادمة الغريبة‘ لتدرس ملامحي أو لتلقي عليّ تحية دون كلمات، أم أنها تنظر إلى مستضيفي الذي يقف خلفي على الدرجة الدنيا للحافلة.

- مساء الخير، اقول لها فلا تردّ.

- خذي ضيفتنا إلى الحلقة السابعة خارج مركز العاصمة، رجاءً سيدتي، يقول مستضيفي بلهجة هي أقرب إلى الاستكانة من الأمر، ثم ينزل من الحافلة، يخطو خطوتين إلى الوراء ثم يؤدي التحية بيد مشدودة عند الجبين. ما هذه العبثية السرمدية؟! الرجل الوديع بلباس الملاهي الليلية المثلية يلقي تحية عسكرية! لمن؟ أتلفت حولي فلا أرى غير المرأة التي لم يقرب شعرها مشط لأسابيع. أهناك كائن خفيٌّ لا أراه؟

تختفي كل التساؤلات من رأسي خلال ثوانٍ تدفع جسدي خلالها قوة ما من مقدمة الحافلة إلى وسطها. أسقط و يصطدم رأسي بالأرضية المعدنية. أئن من الألم، و أشعر بتحرك الحافلة تحت جسدي المستلقي. عنما أحاول النهوض قابضة على ذراع المقعد بجانبي، أدرك السرعة الجنونية التي تسير بها الحافلة. خارج النافذة لا يتراءى لي إلا خط طويل متواصل من الوان ممزوجة بعضها ببعض، و الرجرجة وحدها تقنعني أننا لا نطير، و إنما نسير على طريق غير معبد. أنجح بجرّ رجليّ ببطءٍ و حذرٍ إلى المقعد الأمامي، أريد ان اقعد على مقربة من السائقة الرعناء لأستفسر منها عن مكاننا و وجهتنا. قبل أن أصل غايتي بلحظة يدفعني انعطاف مفاجىء للحافلة نحو اليمين، و يصطدم خدي بالزجاج البارد، و أظلّ مستسلمة لهذه الوضعية حتى يستوي مسارنا و أترك مؤخرتي تسقط على المقعد تحتي.

-أعشق الدوّارات المرورية!! تصرخ المرأة من وراء عجلة القيادة بحماس و تطلق ضحكة نشوة. أما أنا فأسارع غلى ربط حزام الأمان. لا يمكن أن تنتهي هذه الليلة على خير.

- من أين الأخت؟ تبادرني بالسؤال.

- من سوريا.

- كل الدول العربية مسخرة، و حياة زيزونة! لا تصلح الأمور في اي دولة إلا عندما تتولى النساء قيادة السيارات و الشعوب، و الرجال قيادة قطعان البعير!

صوتها العالي و نبرتها الواثقة الغاضبة تحيل بيني و بين الاعتراض. أسألها في محاولة لتغيير مسار الحديث: من أين الأخت؟

- من كوكب عدن و أفتخر.

- أعني قبل قدومك هنا.

تدير وجهها نحوي فجأة و تنظر إليّ بشراسة ترهبني.

- كَثَلَتْهُنَّ أمهاتهنّ جميعاً عشيرة آل سعود!

- أنتي من السعودية؟! أصرخ بذعر، و أتحسر على بختي. سائقة الحافلة التي أنا فيها ليس معها رخصة سواقة، و هذا يفسر بعض الأمور.

- تفوه! تبصق في الهواء فتكاد تصيبني، ثم تقول: بلاد مخصيين! عشتُ حياتي كلها جالسة في مقاعد السيارات الخلفية أنظر إلى أعناق الرجال أولاد الماعز!

تدير العجلة بسرعة و غضب واضح في الحركة و تنعطف الحافلة، و لكنها لا تتوقف عن الانعطاف هذه المرة، و أنتبه لثبات يدها على عجلة القيادة و دوران الحافلة في مكانها، و سرعان ما يضيق نفسي و تختلط احشائي بعضها ببعض. عندما تتوقف الحافلة عن الحركة تماماً، يستمر الدوران في رأسي و تدور خطوط حلزونية في الهواء امام عينيّ.

بصعوبة بالغة أنطق بسؤال مهم: هل وصلنا؟

الجواب يأتي مباشرة عندما تضغط المجنونة المنكوشة على داعس الوقود لتتحرك الحافلة من جديد و تزداد سرعتها لحد لا يُطاق.

- عفواً يا أختي، ماهي حدود السرعة هنا؟

تنفجر بالضحك، ثم تتمالك نفسها و تجيب بسخرية: حدود السرعة في كوكب عدن! يا لك من مأساة كوميدية!

المأساة الحقيقية هي أنني أعلنت إلحادي منذ سنوات، و يمنعني هذا من الاستنجاد بإله ما في موقف كهذا. أقارب حافة البكاء عندما، و لحسن الحظ، تبطىء الحافلة في سيرها حتى تتوقف حركتها، و انعدام الحركة يكون له طعم غريب و لذيذ بعد الانطلاق الأرعن و الزلزلة المتعبة و الارتجاج العنيف و دوران الدوامة العاصفة.

- أنتي الآن عند مدخل الحلقة السابعة. مع السلامة!

أفكّ حزام الأمان و أنهض مرتكزة على القضيب المعدني أمامي، و ارتجاف خفيف يهزّ جسدي. أنزل الدرجات الثلاثة إلى الأرض الحصوية، و عندما أتيقن أنني قد خرجتُ من بؤرة الجنون المتحركة، أهوي على ركبتيّ بثقل ثم آخذ نفساً عميقاً. أريد أن أتنفس بعمق لأستعيد توازني، لكن الحافلة إذ تنطلق كالصاعقة، تثير زوبعة من الغبار و الرمل، و تتخلّل ذراته الدقيقة انفي و فمي و تتغلغل في حلقي مسببة نوبة سعال حادة. و بين السعلات المتقطعة اقولها لها و إن لم تسمعها:

- كس أمك!!

و يتبع ...      

onsdag 6. mai 2015

كنت جاسوسة في المدينة النوّرة 3


Bildresultat för ‫حصان مجنح‬‎ 


 

يهزّ البراق جناحيه الضخمين مثيراً زوبعة من الريح حول جسدي الذي لا يكسيه إلا برنص رقيق. من شدّة اندهاشي لوقوف هذا الكائن العجيب خارج نافذتي لم يخطر على بالي أن الطيران في الليل مسألة تستدعي لباساً يقي من لسعات الريح الباردة و الرطوبة التي تتحول إلى سناسيل ماء رفيعة على ذراعيّ و ساقيّ العاريتان كلما خضنا في غيمة في طريقنا الجوّي.

في البداية يتسلل البرد عبر طبقات جلدي الأولى، ثم سرعان ما يصل إلى نقي العظم فابدأ بالارتجاف و صكّ الأسنان. سامح الله رسول الله! لم يترك دليل سفر للعارجين إلى السماء بين أحاديثه التي تُعدّ بالآلاف و تصف و تشرح و تمعن في الشرح لتسهيل، او على الأغلب تعسير، كل فعل صغير او كبير قد يصادف المرء في حياته، و الأغلب ألّا يصادفه. أما هذه الرحلة السماوية فمتروكة لفطنة المسافر.

سقى الله أيام السفر المرفّه في صالات البوينغ إير باص المكيفة، المقعد المريح و الموسيقا الهادئة. زمجرة الريح تكاد تثقب أذنيّ، و البغل تحتي لا يطير كالنسور و النوارس بأجنحة ثابتة مفرودة، و انزلاق أنيق على أمواج الهواء. طيران البراق، و العياذ بالله، يشبه هزّة أرضية. كلما أخفض جناحيه ارتفع جسده الثقيل بنترة و سقط قلبي من الصدر إلى الأحشاء، و كلما رفع جناحيه استعداداً لرفّة جديدة و انخفض جسده، صعد قلبي من الأحشاء إلى الحنجر. أشعر بالغثيان الشديد.

فجأة ألمح أرضاً منبسطة في المدى المكشوف و أتنفس الصعداء. ولكنني سرعان ما أكتشف أن فرحتي بالخلاص جاءت قبل الأوان بقليل، فعندما يستعد البراق للحطّ على اليابسة يذكرني أسلوبه البهيمي بأن المشكلة ليست فقط في التحليق و الطيران، بل إنها تستمر حتى عندما يأتي الأمر ل.....

- آآآآآه  !

أول ما يحطّ من جسدي المتجلد هو الوجه و اليدين، يتبعها باقي الجسد. عندما أرفع وجهي من الأرض الطينية مستندة بذراعي أرى البعيرة التي قذفتني في الهواء حال حطوطها المزري تجترّ العشب على بعد خطوتين مني غير مكترثة بحالي.

- يا دابة! يا ابن البغلة!! يا...

المسبّات بأشكالها التكفيرية و النكاحية و العنصرية تحتشد في دور طويل على لساني، و لكن صوت ضحكة ناعمة يوقف رشّاشي الكلامي و يجعلني ألتفت. رجل بشعر طويل مفرود على الكتفين، بقميص وردي اللون و بنطال فضيّ ضيق يخطو نحوي ثم يمد لي يده بحركة أنوثية أنيقة و يقول: لا تؤاخذي البراق يا حبة عيني. لم يتمرّن على الطيران منذ ليلة القدر.

يقول هذا ببشاشة ثم يغلبه الضحك مجدّداً فترتفع اليد التي كانت ممتدة إليّ لتغطي الفم بدلع واضح. أنهض من بركة الوحل التي رسمها ثقل جسدي على الأرض الرطبة و أقول بتجهّم و عبوس: أين أنا؟

يبتلع مستقبِلي ريقه، يأخذ نفساً عميقاً ثم يقول بجدّية مصطنعة: أهلاً بك في كوكب عدن!

ينحني بطريقة أكثر اصطناعاً و يحرك يده اليسرى بشكل دائري يذكرني بتحيات البلاط في المسرحيات التاريخية.

- أنا سمعت و قرأت عن جنة عدن في القرآن و الكتب الدينية، و لكنني لم أسمع بكوكب عدن.

يقترب مني و يهمس في إذنيّ على الرغم من أنه لا يوجد غيرنا نحن الاثنان و البغل ابن البغلة على مدى البصر.

- هذا الكوكب جنة لأناس و علقم لأناس، الأمر يعود للعدّة.

 يقول هذا و ينظر إلى نقطة تحت صرّتي و بين فخذيّ و يغمز بعينه. أنتبه لأن حزام البرنص قد انحلّ أثناء الطيران، و لا عجب، و أسرع إلى لفّ البرنص حول جسدي العاري و شدّ الحزام.

- ماذا أفعل هنا؟ أسأل و تجتاحني فكرة مروّعة. –هل أنا ميتة؟ ولكن ... طماطمي و خياري! أشعر برغبة في البكاء.

الرجل البشوش يردّ بابتسامة صامتة، ثم يصفّق براحتي يديه و يضرب برجله اليسرى على الأرض. حافلة بيضاء مكتوب على جدرانها نصوص بلغات متعددة تظهر أمامنا من لا مكان، و كأنها قدمت من وراء حائط خفيّ. يد مستقبِلي تشير لي بالصعود إلى الحافلة بليونة.

حافلة! في جنة عدن!

 لم يرد هذا في القرآن. هل وصلت الحداثة إلى عالم الغيب أيضاً؟

 أتسائل في نفسي و أنا أصعد إلى الحافلة.

  و يتبع...

 

torsdag 30. april 2015

Rolv Erik Ryssdal, jag har tyvärr inte tid till dig

VD för Schibsted Rolv Erik Ryssdal,

En av dem som arbetar för dig har sänt mig din räkning.

Jag förstår att du har tydliga begränsningar när det gäller att gripa filosofiska och moraliska sammanhang, oavsett hur enkla de än må vara. Men tyvärr har jag varken tid eller lust att hjälpa dig med detta ärende.

Du kan helt enkelt be någon av dina konsulter att försöka förklara för dig varför du får en räkning från en tidigare commentator-slav i Aftenposten, och hur detta hänger samman med hennes skatt-vägran, brev till Stortingets Familj och Kulturkomite och mediekritiska demonstrationer.

Be konsulten att ta med en tesked.

Räkningen är på väg tilbaka till ditt bord.






hälsning
Sara Azmeh Rasmussen
Stockholm, April 30, 2015

tirsdag 21. april 2015

كنت جاسوسة في المدينة المنورة 2

الفصل الثاني

ما أزال مستيقظة رغم أن الوقت متأخر. النعاس قد أثقل أجفاني، و لكن لسبب أو لآخر تظل عيناي مفتوحتان تعاندان النوم. في اللحظة التي أنوي فيها اخيراً على إغلاق عيني و الاستسلام للسبات اللذيذ أفاجأ بنور ساطع يوسع حدقتيّ، و في حركة رد فعل لاإرادية أقعد على سريري. الظلمة تحلّ بالمكان مجدّداً. هل كان ذلك برقاً دون رعد؟ في منتصف الصيف؟

 أنهض و أتوجه إلى النافذة المفتوحة حافية القدمين و أزيح الستارة إلى الجانب. هل أنا نائمة و أحلم الآن؟ أفرك عينيّ بقبضتي يديّ و أعيد النظر في حالة يمتزج فيها فزع و فضول و إحساس غريب بالولوج إلى عالم سرياليّ.

لم يكن برقاً و إنما بُراق. هل أضاع الكائن المسكين طريقه بين عوالم الأساطير ووقع على فسحتي الخارجية المتواضعة؟

بما أنني قد ولدت في دولة إسلامية و ترعرعت في عائلة مسلمة فأعلم طبعاً ما هو البُراق. أول مرة سمعت قصة الإسراء و المعراج كنت ما زلت طفلة. إذا لم تخنّي الذاكرة، وهي على فكرة غالباً ما تخونني، فقد كانت هذه الرحلة النبوية السماوية ضمن منهاج الصف الرابع الابتدائي.

كانت حصة ديانة. رسمت المعلمة حصاناً مجنّحا على السبورة الخضراء و كتبت على ظهر الحصان: "الرسول محمد صلى الله عليه و سلم"، ثم التفتت إلينا و قالت: لا يجوز رسم النبي صلى الله عليه و سلم. سألها أحدنا:  لماذا لا يجوز رسم النبي يا آنسة؟ أجابت: لأن ديننا لا يجيزرسم النبي صلى الله عليه و سلم، و أضافت: عندما تذكرون الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم عليكم دائماً أن تضيفوا "صلى الله عليه و سلم"، أفهمتم؟ هززنا رؤوسنا بالايجاب، فقالت مبتسمة: - بارك الله فيكم.

 بعد هذا التمهيد حدّثتنا عن المعجزة.

 -النبي صلى الله عليه و سلم أسرى على ظهر البراق في ليلة القدر و جبريل طائر إلى جانبه، و من هو جبريل؟ إنه الملاك الذي نزل على الرسول صلى الله عليه و سلم بالوحي السماوي. حطّ الجمع في بيت المقدس في فلسطين الحبيبة. تفكّروا بهذا يا أطفال، أشرف الناس قد وطأ بقدميه الطاهرة أرض المقدس! الفتح، الفتح إن شاء الله! قالت المعلمة هذا و هي تلوّح بيدها بحماس.

   قولوا آمين يا أطفال!

رددنا بصوت واحد: - آمييييين!

 أردفت الآنسة: بعد جولة قصيرة على الأرض المقدسة حلّق البراق حاملاً النبي صلى الله عليه و سلم و عرج به إلى السماء الأعلى عند سدرة المنتهى، و هذا أقصى حد يمكن الوصول إليه في السماء. هناك تم استقباله من الأنبياء عبر تاريخ البشرية و على رأسهم إبراهيم و موسى و عيسى.

في البداية أعجبتني الحكاية عن الحصان المجنّح، و لكن عندما ابتدأت الآنسة تتحدث عن رسوم الاستقبال الرسمي، صلاة الجماعة التي كان النبي إمامها إلخ، أصبح السرد شبيهاً بنشرة الأخبار التي يستمع إليها أبي كل مساء. طببت رأسي على الطاولة و بدأت أحبك مشهد معركة مصيرية أنا فيها البطلة أركب فيها صحناً طائراً يواجه صحون العدو من الكوكب المجاور، و ضربات سلاح الليزر تملأ الفضاء حولي. المشهد المثير لم يطل للأسف. ضربة عصا خشبية رفيعة على ظهري كانت وكيلة بإرجاعي إلى الواقع، إلى غرفة الصف في مدرسة ابتدائية في دمشق. نهضت بسرعة.

 – أعيدي ما قلت من لحظات. ماذا جرى في السماء؟ نظرة ألآنسة كانت ثاقبة، فخفضت بصري و رحت أتفحص بقعة على الأرض قريبة من حذائي بصمت.

 – امشِ إلى الزاوية يا بنت! تقفين بقية الحصة عند سطل الزبالة.
 لم يكن بحيلتي إلا الطاعة ففعلت. و من النقطة التي اُجبرت على التواجد فيها لربع الساعة المتبقية من الحصة كان من المستحيل إطلاق عنان الخيال و متابعة حلم اليقظة المثير. لذلك اضطررت إلى الإنصات إلى وقائع تاريخية عن رحلة الرسول صلى الله عليه و سلم.

بعد صلاة الجماعة ودّع النبي محمد صلى الله عليه و سلم سالفيه من الأنبياء و عاد على ظهر البراق في الليلة نفسها إلى جوار زوجته في بيته في مكّا في شبه الجزيرة العربية. عندما استيقظ الزوجان أخبر الرسول زوجته هند بنت أبي طالب عن الرحلة، فسألته بتوجس إن كان ينوي أن يخبر أحداً بحلمه العجيب، فردّ بأن الرحلة كانت بالجسد و الروح معاً و لم تكن حلماً، ثم أضاف: - والله لأحدّثهموه

خرج الرسول فنادت هند جاريتها الحبشية و قالت: ويحك اتبعي رسول الله حتى تسمعي ما يقول للناس، و ما يقولون له. وعندما خرجت الجارية ضربت هند على رأسها بيديها و هسمت: هذا الرجل سيفضحنا في القبيلة، يا ساتر استر!

ردود الفعل كانت كما خشيت هند. قبيلة قريش لم تصدق الحكاية و شكّكت بحدوثها لدرجة أن البعض صار يصفّر و يصفّق مستهزئاً. ولكن الله نصر كلمة الحقّ. لم تمر فترة قصيرة من الزمن حتى و نزلت الآية الكريمة التي أنهت أيّ مجال للشك. بالإضافة إلى ذلك فإن رواة الحديث النبوي، المرجع الثاني للعلم في الإسلام بعد القرآن الكريم، قد اتفقوا على صدق القصة. فقد روى عبد الله بن مسعود عن أبي سعيد الخدري عن عائشة زوجة النبي صلى الله عليه و سلم عن معاوية بن أبي سفيان عن الحسن بن أبي الحسن البصري عن ابن شهاب الزهري عن قتادة عن ابن اسحاق عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: أيقظني جبريل و خرج بي إلى باب المسجد، فإذا دابّة أبيض، بين البغل و الحمار، في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه، يضع يده في منتهى طرفه، فحملني عليه.

عندما انتهت الحصة تنفّستُ الصعداء لخلاصي، و لكن القصة علقت في ذاكرتي بسبب سطل الزبالة. و في هذا المساء عادت إليّ الذكرة لأن براقاً لسبب أو لآخر قرّر أن يزورني و هو الآن يقف على بعد ثلاثة أشبار منّي بين شجرة الكرز و أحواض الطماطم و الخيار.
 
  

- ماذا تفعل أيها البراق خارج نافذتي؟

يجتاحني للحظة القلق على خضراواتي التي زرعتها كبذور صغيرة في التراب، و ربّيتها شبراً بعد شبر، أسقيها و أتفقدها يومياً. من الأفضل أن أحذره.

- إذا ما قضمتَ أيها البغل أو الحصان أو الحمار، كائناً من كنت، قضمة واحدة من طماطمي أو خياري، فلن يشفع لك لا جبريل ولا عزرائيل. ويحك أن تجرؤ على لمس خضراواتي!

يردّ عليّ البراق بصهيل غاضب و نظرة حازمة فأتراجع خطوة. من الواضح أنه لم يحط خارج نافذتي ليأكل خياراً. يصهل من جديد و هذه المرة يشير برأسه إلى السماء.

- هل سأعرج أنا أيضاً؟

نظرته معبرة. في هذه اللحظة أفهم المسألة. عندما يقف براق خارج بيتٍ و يشير إلى السماء، فما على المرء إلا أن يصعد على ظهره دون أي جدل. ارتدي برنص الصباح الكحلي و بقفزة سريعة أعبر إلى الجانب الآخر من النافذة. عندما تلامس قدميّ الحصو البارد أتساءل بيني و بين نفسي إن كان من الأفضل أن أقفز لغرفتي و أنتعل شحّاطتي، و لكنني سرعان ما أعدل عن الفكرة.

في قفزة رشيقة أصعد على ظهر البراق، فيبدأ بالرفرفة بجناحيه الطويلين الثقيلين و يرتفع بي عن الأرض بتحليقٍ لا يمكن وصفه باخفة و الرشاقة لا من قريب و لا من بعيد. رأسه يضرب بحائط البناء عند الطابق الثالث فيرتجّ جسده و أمسك بعنقه بفزع.

- الله يستر.

بعد ثوانٍ يتمكن البراق من التحليق فوق بنائي و يعلو حتى تتراءى لي الأبنية في الحارة كقطع الليغو الصغيرة.

و يتبع...

lørdag 18. april 2015

Sorry! No English version of the fable


I was too ambitious. The desire to make the text accessible to all who wish to read was too strong. Now I have been thinking for a few days.


No one has shown interest in cooperating with me about the English version of the Islam-critical fable. WHY? Where are you Humanists?


 I do not have the necessary expertise to translate literary texts into English.The conclusion had to be the following: I acknowledge my linguistic and time constraints. I concentrate on writing the fable in Arabic. It is aimed primarily to people who belong to the Islamic tradition and its Arabic center. That is why it is especially important that the project is completed in the language of those it is mainly written for.

With weak economic resources it does not help to wish so much and have great faith in a project. Had I been able, I would have hired a professional translator without hesitation. I would not bother about the book not bringing any income after publication if it is read by many on the internet. But it is perhaps my moral attitude, as reflected here, which is the reason for my bad economy.


I do not have commercial interests, I have for example, no advertising on my blog. Most people are incredibly little interested in supporting intellectual and cultural work. One has a strange idea that culture should be enjoyed like the ocean waves, no costs at all. But think of it: Authors do not write in dormant state, only to wake up and go to work. Writing is our job! For me it is additionally a passion and a tool to help to humanize the world.


Anyway, if there is anyone out there who think that the project is interesting and will help with anything small or large, help translating or pay a translator, please Connect with me on facebook or email: s.a.rasmussen (at)telia.com


I will be working this weekend with chapter 2. It will be published on Monday. In Arabic.

onsdag 15. april 2015

القلم أحدّ من السيف يا أغبياء داعش و القاعدة و صحابتهم أجمعين



نشرت الآن الفصل الأول من الرواية الخرافية "كنت جاسوسة في المدينة المنوّرة"

الكتاب ليس مكتوباً بعد، بل سأنشره فصلاً بعد فصل على هذا الموقع. هذه هي الطريقة التي أدعم بها حركات التحرير الاجتماعي و الفكري و التنوير في الدول العربية و الإسلامية.  

القلم أقوى من السيف، و الفكاهة هي من أفضل الوسائل لمقاومة الجهل و التعصب و التحجر في العقل و الروح. نحن العرب و المسلمون في مرحلة تاريخية حاسمة. الحروب مشتعلة و الطائفية تنهش لحمنا. علينا اليوم أن نختار بين الظلام والحروب الدينية و التخلف الاجتماعي و الاقتصادي و العلمي من جهة، و التنور الثقافي و التضامن الشعبي و الأخوة بين المعتقدات و العمل على التطوير و الانتماء للعالم الحر السلمي من جهة أخرى.
 

أنا أختار طريق الحرية و السلام. الإسلام بشكله السياسي الحالي ليس هو الحل كما يدّعون، بل هو المشكلة الأساسية التي قد تودي بنا إلى الخراب إذا ما يتمكن المثقفون من منع ذلك عن طريق نشر الوعي و الانفتاح.
 

أحترم حق العقيدة و ممارسة الدين، و أنا فخورة بانتمائي للحضارة الإسلامية. و لكنني اعلن الحرب الفكرية على اتباع الحركة الأيديولوجية التي تلبس زيّاً دينياً مزيفاً.

الإسلامية شر من الشيطان فاجتنبوه. و صلى الله و سلّم على كل فرد أعمل عقله في هذه الدنيا. آمين.

انشر الرسالة و شكراً جزيلاً

كنت جاسوسة في المدينة المنوّرة 1

الفصل الأول 

لا يمكنني تذكّر مجريات ذلك اليوم أو وصف شكل القمر في تلك الليلة التي ابتدأت فيها مغامرتي الغريبة. و لا أعلم علم اليقين إن كانت الأحداث التي تملأ ذاكرتي الآن إنما هي زوبعة في نفس مضطربة قد أفلتت زمام الصواب و تاهت في أرض الضبابية، أم أن كل ما حدث منذ اللحظة التي تنبّهت فيها لوجود براق خارج نافذتي، و حتى اللحظة التي فتحت فيها باب شقتي لأُفاجأ برجلين من الشرطة السويدية يقبضون على ذراعيّ و يجرجروني على الدرج إلى سيارة الشرطة المنتظرة خارج البناء، إنما هو انعكاس الحقيقة التي تجعل الواقع المحسوس هشّاً، كالح اللون، عديم القيمة و الوزن كذرات غبار أمام صفحة الشمس.

نعم، الحقيقة. ألم يقل الأنبياء و الرسل و العظماء عبر التاريخ ان البشر عموماً ليس لديهم القدرة الروحية و العقلية على رؤية الغائب و المحجوب؟ أن حفنة من المختارين فقط تُفتح لهم أبواب السماء؟ و أن هذه الحفنة تحمل على عاتقها مسؤولية إقناع من لم يرَ و يسمع بما لا يُمكن تصديقه؟

من الواضح أن شرح المسألة و تكرير الشرح للرجل الجالس في مواجهتي لايجدي على أي حال. الغريب أنه يذكّرني بالمغضوب عليه أبي لهب، على الرغم من أنه لا يوجد أي تشابه ظاهربين الرجلين، أبي لهب بعبائته القرشية المزركشة و عمامة الرأس المصنوعة من نسيج دمشقي أحمر و ضحكته الرجّاجة، و هذا الرجل بردائه القطني الأبيض، نظاراته الطبية التي ترتكز على آخر ميليمتر من حافة أنفه و النظرة الثاقبة التي يدرس فيها حركة كل عضلة صغيرة أو كبيرة في وجهي و جسدي. هل الشك سبب هذا التشبيه؟ أبو لهب عبّر عنه بضحكة تهكّمية بينما القاعد أمامي يعبّر عنه بصمت مليء بكلام غير مُطَمْئِن.

عندما أتأمل الرجل الجالس على جانبه الأيسر و المشغول بتدوين كل حرف أقوله بميكانيكية عجيبة، و المرأة على جانبه الأيمن بالمكياج الصاعق، الأظافر الطويلة المطلية باللون الأزرق و الملل الواضح على تقاطيعها و حركاتها، أدرك أن قضيتي خاسرة و أصمت. بعد وهنة قصيرة يقطع ذو الرداء الأبيض الصمت.

- من رأيي أن تقضي بعض الأيام عندنا. من الواضح أنك تحتاجين لإراحة أعصابك، النوم المنتظم و البعد عن كل المؤثّرات و المهيّجات التي قد تؤدي إلى ضغط عصبي. ما رأيك بهذا الاقتراح؟

-   إذا كنت تريد رأيي فأنا لا أتفق على استنتاجك و أريد العودة إلى بيتي الآن. أنا لا أفهم أصلاً لماذا أنا موجودة في هذه الغرفة ضد رغبتي؟ أجبته بصوت محتجّ.

تفحصّني بتلك النظرة التي لا تعد بخير ثم قال بصوت هادئ: - قراري هو أن تبقي هنا لعدة أيام، أراك بعدها و ننظر في الموضوع مجدّداً.

يسألني و يقترح ثم يعلن نفسه صاحب القرار. رأيي لا يقدّم و لا يؤخّر. الشيء نفسه حصل عندما تحاورت مع القائدة. هي أيضاً سألتني عن رأيي بعد أن اقترحت المهمة المستحيلة و الخطيرة و الشاقّة، و عندما أجبت بالنفي ابتسمتْ بصمت، و بعد ثوانٍ وجدتُ نفسي وسط منطقة العملية السرية و المجازفة التي قد تفصل رأسي عن جسدي. عند إعادة النظر بالأمور فإن الإكراه على الراحة أفضل من الإكراه على العمل تحت ظروف صعبة للغاية.

نهض حاكم أمري فتبعه إلى ذلك المدوّن و المرأة التي لم أفهم قيمة وجودها في الاجتماع حتى أخرجت حلقة معدنية مثقلة بالمفاتيح من جيب ثوبها. من هذه اللحظة سمّيتها حارسة الزنزانة. تبعتها عبر دهليز طويل بأبواب على الجانبين إلى أن توقّفت عند أحد الأبواب و أدخلت المفتاح بالقفل و لفّته إلى اليسار مرة واحدة. لماذا أدقّق على هذه التفاصيل البسيطة؟ هل أثّرت عليّ المهمة التي اُلصقت بي لهذه الدرجة؟

دخلت إلى الغرفة و جلست على السرير. لم يكن أمامي خياراً آخراً. الغرفة بالجدران البيضاء لم يكن فيها أي أثاث عدا السرير المعدني المغطّى ببطّانية صفراء منسوج عليها التالي: محافظة استوكهولم. لا يوجد لوحة واحدة على الجدران تسلّي البصر. الباب مغلق و في أعلاه نافذة زجاجية مدوّرة تمتلئ بوجه. في الوجه عينان تتفحصني لثوانٍ ثم يغيب الوجه، ليعود بعد نحو عشر دقائق. لا إله إلا الله، أقول في نفسي و أتحسّر على حالي. من مراقِبة إلى مراقَبة خلال يوم واحد! لكن عندي خطة لمحاربة الملل في هذا المكان المكئِب. أتسلل على الأربعة إلى الباب و أقعد على الأرض، أنتظر حتى ألمح حركة في النافذة فوقي و أقفز شبراً واحداً من النافذة و على وجهي تعبير تهريجي. الرجل خلف النافذة يتراجع إلى الخلف بسرعة تؤدي إلى سقوطه على قفاه. ما زال فاغر الفم، مصعوق، عندما أنفجر بالضحك. الباب يُفتح و يدخل ثلاثة أشخاص مهرولين. المصعوق ضغط على زر الإنذار المعلّق على ردائه الأبيض. نوبة الضحك تطول. يخرج الثلاثة دون أن ينطقوا بكلمة. أتمتم: - يا حسرة عليكم، مجانين.

في المساء تجتاحني الكآبة. كم يوماً يمكن أن يقضي إنسان هنا حتى يفقد صوابه؟ انا في قسم العناية المشدّدة في قسم الأمراض النفسية و العصبية في مستشفى دانديريد، و الحق عليّ. إي و الله، الحق عليّ ما على غيري! كان من الأفضل أن أحتفظ بالقصة لنفسي و لا أخبر بها صديقاتي في العمل. لماذا توقّعت أن يصدّقوا أنني صعدت إلى السماء على ظهر حصان مجنّح اسمه بُراق؟ ثم اُرسلت من السماء إلى الصحراء السعودية موكّلة بمهمة في غاية الحساسية؟ و أن هذه الرحلة عبر كتل الغيوم و بين نجوم و كواكب السماء بدأت و انتهت في الليلة نفسها؟

 البارحة.  


و يتبع...  

torsdag 9. april 2015

Eureka! I have found it!


No, I have not found a new mathematical formula. I would be the last person on this planet to do so. It is the title and the dramaturgy of the Islamic “Life of Brian” that fell on me this morning when I was laying in my bed.

For many days I have been thinking of this. How to find a composition and a structure that is suitable for the purpose. I have rejected many scenarios. At some moments I was close to regret my crazy blog.

It is not every day somebody announces publically that she, with no financial means to take time off to be able to work on a rather challenging project, and with merely any idea about what she is going to write, anyhow is going to write a blog-book.

I was so bold as ta do it. Now I have the broad lines of the story in my head.

I have found it!!! 

 
 


My dear reader:

I promise not to let you wait too long for the first two chapters.

I will already now reveal the title.

I was a spy in Medina


For the non-Arab reader I should mention two things laying in the title.

1-Arabic is one of the languages that have grammatical gender. Pronouns, verbs, adjectives etc. have either masculine or feminine form. Neuter does not exist. This means that the reader of the Arabic text that you are reading in English now, will get more information than you. (Sorry! C’est la vie).

The spy is a woman. Already at this very early stage it is a bit chocking to many as Muslim women never work as spies. Honestly! How will they ever be able to do the work of 007, jump between the roofs of high buildings, dive in the deep seas and demonstrate proficiency in karate and shooting, wearing the Islamic outfit, the long black dress covering the arm links and the ankles? Well, Burqini can solve one problem in some scenes. The instrumental sex a spy has in his/ her work is though a bit more challenging.

The Islamic world is a man’s world. God=A man. A prophet=A man. A cleric=A man. A president=A man. A spy=A man. A soldier=A man. A police=A man. A villain=A man. A taxi driver=A man. An editor=A man. A commentator=A man. A falafel seller=A man.

You have got the picture.

 2-There was an extremely popular TV-soap opera called I was a spy in Israel.

It was about an Egyptian man who was recruited by the security police, trained and sent to Israel, where he managed to become a spy. How successful the whole operation was is an open question. I would not trust the Arabic presentation. Anyhow, millions in my generation, and my parents’ generation followed the drama with tears and pounding hearts. The Arab reader will take the hint.

Why Jews? Our cousins will actually have some important roles in the Medina drama. The story never goes without them.

We Muslims are obsessed with Jews. That includes me of course. In addition to this natural and incurable obsession, it is always a smart PR tricks to include Jews in any story. The media will soon be running after me with cameras and microphones and I will become famous. Oh, I enjoy the thought!

As I believe that the Zionist World lobby is omnipotent, omnipresent, extremely rich and would love to support any project that does not take Muslim myths seriously, I do not have to worry anymore for my miserable personal economic situation. I will be soon showered by golden coins, have a limousine with a private driver outside the door, I will find a travel ticket to the United Stated of Amerika under my pillow. When I arrive to Washington DC, I will be received with applause, and I will spend some lazy days in a luxury house in Hawaii. Oh, I can’t wait!

I should really start writing soon.