fredag 18. november 2016

ترامب أكبر!!

مهرج أمريكي غير مضحك  يحوز على منصب الرئاسة في أقوى دولة بالعالم.
الإسلاميون يصيحون: الله أكبر!
الملحدون يهتفون: ترامب أكبر!
عذراً!!


في خضم الصيحات الاحتفالية و التهليلات الإلحادية التي تُسمع في ساحات التواصل الاجتماعي اليوم، نسي رفاق الكفاح من يساريين و ليبراليين و لادينيين و علمانيين، أو تناسوا، أن توجيه ضربة للإسلامية ليست تعني بالضرورة هدفاً في مرماها، بل قد تكون هدفاً في مرمانا نحن، نحن من نناضل ضد التوغل الإسلامي في مجتمعات الشرق الأوسط و المغترب.

أنا لاعبة ضمن فريقكم، لا تشكوا بهذا، ناقدة للإسلام بالكلمة و بالفعل على مدى سنين طويلة، فلا تفسروا نقدي كتعاطف مع الإسلاميين و لا تشرحوا لي أبعاد المأساة و فظاعة الجرائم و عمق التخلف و فداحة الخطر الذي ينتج عن كل عطسة من طرف إسلامي، فأنا أنام و أستفيق مع فيديوهات تُظهر بشاعة هذه الفاشية الجديدة، و أضحك و أبكي عند سماعي لمقولات و فتاوى و “حكم” من الرجال المعممين، لا بارك أحد فيهم. لا تختلف نظرتنا في هذه النقطة. و لكنني على غراركم لا أصفق لسياسة الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، بخصوص التحدي الأصولي و الإسلامية المتطرفة (و لا بخصوص أية قضية أخرى على جدول
(أعماله بالمناسبة، و لكن هذا خارج عن موضوعنا)

سياسة الحائط، سواء أكان من اسمنت و حاجز حقيقي أو يتمثل في سياسة إغلاق الحدود لبشر لا يجمع بينهم إلا قاسم واحد مشترك و هو صدفة تسجيلهم تحت خانة “مسلم” في مدينة ما، في دولة ما في هذا الكوكب، هي سياسة محكوم عليها بالفشل الذريع. من المؤكد أنها لن تمثل جزءاً من الحل ضد هيمنة الدين الأصولي على المجتمعات في العالم العربي و لا على تصدير الفكر و الخلايا الإرهابية للغرب و أمريكا. بل إن أسلوب هذا الرئيس الجديد تصب زيتاً على نار التطرف و الإرهاب الإسلامي. لماذا؟ سأقول لك لماذا. من المعروف أن أهم مقوّمة من مقومات الفكر الإسلامي السياسي (أو أي فكر شمولي) هي ” العدو”.

“العدو هو من يمنح الإيديولوجية القائمة على التضادّ و التنافر، لا الانسجام و التصالح، الصلاحية، والعنف التبرير، و ترامب يقدم أكبرهدية للإسلاميين. إنه العدو المثالي!

أتباع سيد قطب و ابن تيمية الذين كانوا يتعرّقون وهم يحاولون لوي عنق الحقائق و إظهار أمريكا كعدو للمسلمين، خاطبين من مسجد مُرَخّص في منطقة سكنية بواشنطن، ماشين بتظاهرات في الشوارع احتجاجاً على “اضطهاد” المجتمع و الدولة لهم، بينما عناصر الشرطة تؤمن لهم حرية التجمع و التظاهر و التعبير، سيرتاحون أخيراً من عناء الظهور بمظهر المعاتيه و المنافقين. ترامب حوّل تحريفهم للواقع إلى حقيقية، و هذه الحقيقة هي الآن بمثابة كابوس يجثم على صدر كل من يفكر أبعد من أنفه.

ترامب منح الإسلاميين ما يحتاجونه، منحهم عدواً متعجرفاً عنصرياً يستعمل لغة العنف و يكره الإسلام. هذا الطفل المدلل الفاسد، الرأسمالي الجشع، صديق إسرائيل بدون أي تحفظات،  يناسب الصورة التي حتى حد قريب كان من الممكن وصفها بالشيزوفرنية و الهلوسية. أخشى أن هذا سيجعل ضم شباب و بنات جدد لحركات التطرف الإسلامي أكثر سهولة.

هل يغضبكم تحليلي يا علمانيّ و ملحدي الدول الإسلامية و غير الإسلامية؟ أتريدون أن تكتفوا بالشماتة بالمسلمين الذين منعوا عنكم الهواء و الحرية و الحب و الحياة الطبيعية المسالمة لعقود و قرون؟ ترحبون بأي رئيس يكره من تنفرون منهم؟ ينتقم لكم منهم بأية وسيلة؟ ليس من الصعب علي تفهم هذا النوع من الخواطر الآنية، و لكنني أنتقد سيطرة مشاعر من هذا النوع  على العقلانية و التفكير بعيد المدى.

الحل للمشكلة الإسلامية العويصة، تَصَلُّب و تشنّج الدين الإسلامي من جهة و التطرف السياسي و الإرهاب من جهة أخرى، هو تجفيف منابع الوهابية، المنابر، و في الوقت نفسه مساندة الحركة العلمانية و الحركات الليبرالية و الديمقراطية في الشرق الأوسط و مدها بالتمويل و الكوادر المثقفة و العاملة لتستولي تدريجياً على الساحة الاجتماعية و السياسية التي اغتصبها الإسلاميون في ظل الديكتاتوريات و غياب حرية التنظيم و التعبير.

أما أن يهدد رئيس أقوى دولة بالعالم بإغلاق الباب بوجه كل مواطن و مواطنة من الدول الإسلامية، فهذا لا يمكن اعتباره إلا ضرباً من ضروب التطرف المقابل و ليس حلاً لا من بعيد و لا من قريب.

ترامب يضعني أنا الملحدة و الديمقراطية الليبرالية في قفص الاتهام مع الإخونجي و الداعشي و إرهابي حزب الله و شيخ العشيرة قاطع الأيدي. كيف تتخيلون تطور الأوضاع في قفص الشرق الأوسط إذا ما نفذ الرئيس الأمريكي الجديد تهديده؟
دونالد ترامب خطير، لا ليس لأنه حازم، بل لأنه أحمق لأبعد الحدود!

تم نشر هذه المقالة في "صوت العلمانية" و الرابط هنا

سارة العظمة