onsdag 11. mars 2015

عصر رائف بدوي يطرق على الابواب


بلغتنا وكالات الانباء العربية و الدولية عن اجتماع وزراء الخارجية العرب فى القاهرة.

 كالعادة التم شمل مجموعة من القادة- الرجال- الدين يديرون شؤون الدول، التي تسير شؤونها في الحكم و السياسة و الاقتصاد و العلم و المعرفة و الفن و غيره من امور الدنيا و الاخرة الى الخراب و البلاء و الهاوية، للتحاور في قضايا الحرب و السلام الخ.

على عكس الامور في اتحاد الدول الاوروبية، حيث ينتخب المبعثون الى المجلس الاوروبي عبر تصويت حر في الدول الاعضاء، و حيث يعين الوزراء من حكومات تمثل احزابا منتخبة لفترات محدودة الامد، فان الممثلين الذين يجتمعون حول طاولة الجامعة العربية عاما بعد عام، و حقبة بعد حقبة، لا يمثلون شعوبا او احزابا و انما شلة حكام أصابهم داء الهوس الفرعوني. ايمانهم الاساسي هو دين الهرم، حيث تصعد الاقلية الحاكمة على أكتاف الناس لتجلس العائلة الفرعونية على القمة، و تشغل وقتها بتأليه الذات مستعينة بجهاز إعلام مبرمج على نظريات و أهداف السلطة.

 المسرحية التي تلقب بعناوين توحي بالديمقراطية أصبحت مكشوفة للمواطنة و المواطن العربي في زمن الإنترنات و المعلوماتية و الكوكبية. لكن يصر الممثلون على متابعة العرض المزيف. المملكة العربية السعودية و سياستها في الكبت و الإرهاب الفكري هي من أفضل الأمثلة الحية على هده الاستراتيجية الفاشلة. و من الطبيعي أن المحاولة المخجلة لنفي الحقائق الواضحة كصفحة الشمس في سماء الصحراء عند الظهيرة قد حصلت على انتباه الإعلام العالمي.

وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم كانت ضيفة شرف في اجتماع القاهرة، و كان من المتفق عليه أن تلقي خطبة في افتتاح الاجتماع، هذا كحركة امتنان دبلوماسي بعد اعتراف حكومتها بدولة فلسطين. لكن صاحب القرار السعودي، الذي لا تزن فلسطين كلها شيئا يدكر في ميزانه عندما لا يأتي الأمر لملاعبات و خطب سياسية تعزز سلطة بيت سعود (لا السعودية كدولة و شعب) ،ضغط على "الممثلين" العرب. النتيجة كانت إلغاء خطبة فالستروم من الاجتماع. عادت ممثلة الشعب السويدي الشرعية من حيث أتت دون أن تمنح الفرصة للمناقشة أو المفاوضة مع الجانب السعودي "المهان".

تبع ذلك بيان أعرب فيه وزراء الخارجية العرب عن مؤازرتهم للسعودية، الحكام ليس الشعب، ضد النقد السويدي المستمد من الرأي العام السويدي و الاوروبي، للمعاملة التي لقيها المفكر و الكاتب السعودي عرفان بدوي. في التصريح ورد التالي: "دستور المملكة العربية السعودية مبني على الشريعة الإسلامية المتسامحة التي تضمن حقوق الإنسان و تحمي حق الحياة و الملكية و الكرامة...تصريحات فالستروم غير مسؤولة و غير مقبولة".

المثير للاهتمام فعلا في هذه المسألة هو كيف يبرر هؤلاء "الممثلون" هذا التصريح، هذا ما إذا استثنينا الاحتمال الذي يضع الذين يديرون شؤون الدول العربية و علاقاتها الخارجية في موضع محرج و هو أنهم رددوا تعليمات السعودي كببغاءات عديمة الإرادة و الرأي السياسي. كيف يمكن أن يكون نقد الحكم على إنسان بألف جلدة و السجن لعشر سنوات بالإضافة إلى غرامة مالية هائلة بسبب آراء كتبها على صفحته الالكترونية نقدا غير مسؤول أو مقبول؟ و كيف يمكن لاي عاقل أن يزعم أن التفسيرات و التطبيقات للشريعة التي يتبعها النظام السعودي، و التي حكم بدوي بموجبها، تحمي الجسد أو الكرامة أو المال؟

قضية رائف بدوي تبين بوضوح ضعف و تحجر السياسات العربية و ضرورة الإصرار على الديمقراطية. نحن العرب أبناء و بنات القرن الواحد و العشرين بحاجة إلى دساتير صادرة عن الارادة الشعبية عبر المسار الديمقراطي تضمن الحريات و الحقوق للمواطنين و المواطنات، للاكثرية و للاقليات. الدستور السعودي لا هو تعبير عن غايات الشريعة الإسلامية و لا عن إرادة أبناء و بنات السعودية، بل هو أداة تعسف و قهر بيد العائلة (العشيرة) الحاكمة آل سعود و المرتزقة من رجال الدين الذين لا يستحقون أن يسموا بالعلماء.

 منتدى رائف بدوي "حرر الليبراليين السعوديين" التي يطالب فيها أن يمنح المفكرون العرب فسحة من الهواء للتنفس، حسب تعبيره، في هذا الجو العربي الخانق، قد غادرت السعودية رغم الحراسة المشددة على الارض و في الشبكة الالكترونية (و في السماء؟)

 آمال و آراء بدوي قد وصلت إلى مسمع العالم بأكمله. متى سيدرك النظام السعودي و السياسيين العرب بشكل عام أنهم يمثلون الجزء الاخير من الرواية التاريخية التراجيدية المنتمية للقرن الماضي و ما سبقه من قرون الاستبداد و الجهل؟ سياسة التعتيم و الإرهاب لا تجدي اليوم.
عصر رائف بدوي يطرق على الابواب