تظاهر
آلاف من المسلمين الغاضبين في شوارع باريس الاسبوع الماضي تحت الراية التالية: "لا تلمس
نبيي!". خلال المظاهرة ارتفعت الصيحات المطالبة بعدم الاقتراب من نبي
المسلمين لا بالتصوير و لا بالكلمة الناقدة. و قررت السلطات الفرنسية إغلاق العديد
من السفارات و المدارس جراء عموم جو من الاضطراب و النزاع.
بكلمات أخرى تم خلق حالة من الطوارئ من قبل جماعات دينية منظمة
خرجت الى الشوارع بعد صلاة الجمعة تطالب بمنزلة خاصة للقواعد الدينية تجعلها غير
قابلة للمس أو المناقشة و تحمي المسَلٌمات من ضربات الطرافة و السخرية.
مظاهرات باريس واحدة من تداعيات نشر الفيلم
البائس و السيئ "براءة المسلمين". السؤال الملح في هذا الاطار هو لماذا
يكترث المسلمون بإنتاج رخيص ذي مضمون سخيف؟ السؤال الاهم يخص غاية المشروع
الاسلامي السياسي: ما هو الهدف من الحملات المتكررة و العنيفة ضد حرية التعبير؟
الجواب البديهي هو حماية مركز القوة الديني من النقد بغض النظر عن مصدره أو نوعيته
أو هدفه.
الخلاف المتجدد بين حرية التعبير و حماية
الدوغمائيات الدينية ابتدأ باعتداء غير مبرر و شنيع ضد سفارة دولة أجنبية في ليبيا
و مقتل أربعة دبلوماسيين. أليس هناك احترام للآخر و للقوانين الدولية في دولنا
الاسلامية؟ الاحتجاجات عامة و مستمرة في أكثر من عشرين دولة, ليس ضد هذا التصرف
البربري و خرق الالتزامات الدولية, و لكن ضد تصوير النبي بصورة لا تتفق مع القواعد
الاسلامية.
عفوا, هذا يثير القلق على الثقافة الاسلامية و مستقبل العالم
الاسلامي.
هل نريد أن نكون جزءا من العالم المتحضر نتبع
القوانين السائدة على الجميع, أم نريد أن نقبر أنفسنا و أبنائنا بأفكار متحجرة
تتضارب مع العصر و العقل و الدين السليم؟
الاسلاميون و الاصوليون يحاولون أن يبنوا حاجزا
حول الدوغمائيات, المسلٌمات الدينية التي لا يسمح بالدنو منها فكريا. في هذا السعي
يتخطى الأصوليون الحدود المقبولة ضمن الديمقراطية.
المجلة الفرنسية, شارلي ايبدو, و التي عاملت
الاسلام كأي دين آخر و أصرت على نهجها العام من النقد الاجتماعي و السياسي قد
تعرضت لحملات متواصلة من الضغط و الارهاب. كإنسانة مؤمنة بالديمقراطية من أصل
إسلامي أعبر عن مساندتي لهذه المجلة الفرنسية من غير تحفظ.
في
هذا المضمون بالذات تصبح للسخرية وظيفة هامة و هي الاشارة إلى ممارسة القوة غير
المشروعة و الضغط على حقوق و أفكار الآخرين. الطرافة سلاح حاد ضد الاصولية و
التعجرف الديني. إن بمقدرة القلم الناقد أن يحفر ثقبا في الترس الذي يمنع التقاء
الدين بالعقل و المنطق.
إنني أنتمي للثقافة الاسلامية و تهمني مصلحة
المسلمين. ولهذا السبب أرفض أن يكون مصير كل من يتحدى القواعد الدينية الممنوعة
اللمس أن يواجه بالتهديدات و الضغوط و في أسوأ الأحوال العنف الجسدي. يجب إزاحة
هذا الحاجز الذي وضعه الأصوليون في طريق التنوير الإسلامي.
يا أخي المسلم و أختي المسلمة, سوف أنشر الآن
كرتونا رسمته شخصيا للنبي محمد كما تصورته. ليس هدفي الإهانة بل التوعية و النقد
الاجتماعي. أريد بهذا أن أنتقد الفهم الديني المتحجر و لا أطلب منك الاتفاق معي في
أي أمر. و لكن واجبك كإنسانة متحضرة هو احترام حقي لإبداء الرأي و عدم إثارة ثورة
كوكبية لفرض آرائك على الجميع.